((سورة القيامة)) * (لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللوامة * أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه * بلى قادرين على أن نسوى بنانه * بل يريد الإنسان ليفجر أمامه * يسأل أيان يوم القيامة * فإذا برق البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر * ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر * بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره) * قوله تعالى: * (لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة) *. قال ابن جرير: اختلف القراء في قراءة قوله تعالى: * (لا أقسم بيوم القيامة) *، فقرأت ذلك عامة قراء الأمصار، لا أقسم مفصولة من أقسم سوى الحسن والأعرج، فإنه ذكر عنهما أنهما كانا يقرآن ذلك: لأقسم بيوم القيامة. بمعنى أقسم بيوم القيامة.
ثم دخلت عليها لام القسم والقراءة التي لا أستجيز غيرها في هذا الموضع لا مفصولة، أقسم مبتدأه على ما عليه قراء الأمصار بإجماع الحجة من القراء عليه.
وقد اختلف الذين قرؤوا ذلك على الوجه الذي اخترنا قراءته في تأويله، فقال بعضهم: لا صلة، وإنما معنى الكلام: أقسم بيوم القيامة، وعزاه إلى سعيد بن جبير.
وقال آخرون: بل دخلت لا توكيدا للكلام.
وذكر عن أبي بكر بن عياش في قوله: لا أقسم. توكيد للقسم كقوله: لا والله.
وقال بعض نحويي الكوفة: لا، رد لكلام قد مضى من كلام المشركين الذين كانوا ينكرون الجنة والنار.
ثم ابتدىء القسم، فقيل: * (أقسم بيوم القيامة) * وكان يقول: كل يمين قبلها رد كلام، فلا بد من تقديم لا قبلها، ليفرق بذلك بين اليمين التي تكون جحدا واليمين التي تستأنف، ويقول: ألا ترى أنك تقول مبتدئا: والله إن الرسول لحق، وإذا قلت: لا والله، إن الرسول لحق، فكأنك أكذبت قوما أنكروه، واختلفوا أيضا في ذلك هل هو قسم أم لا.
وذكر الخلاف في ذلك، والواقع أن هذه المسألة من المشكلات من حيث وجود اللام، وهل هي نافية للقسم أم مثبتة؟ وعلى أنها مثبتة فما موجبها؟ هل هي رد لكلام سابق أم تأكيد للقسم؟ وهل وقع إقسام أم لا؟ كما ذكر كل ذلك ابن جرير.