إلا بواسطة الإيمان بالله وبما يكرم الله به من شاء بالشفاعة، كما في قوله تعالى: * (والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) *. قوله تعالى: * (وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين) *. جاء في هذا المثل بيان مقابل للبيان المتقدم والمفهوم المخالف له، وهو أن المؤمن لا تضره معاشرة الكافر، كما أن الكافر لا تنفعه معاشرة المؤمن، وفي هذا المثل قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الإملاء:
لقد اختارت امرأة فرعون في طلبها حسن الجوار قبل الدار ا ه.
أي في قولها: * (ابن لى عندك بيتا فى الجنة) *. قوله تعالى: * (ومريم ابنة عمران التى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا) *. بين تعالى المراد بالروح بأنه جبريل عليه السلام في قوله: * (فأرسلنآ إليهآ روحنا فتمثل لها بشرا سويا) * وهو جبريل.
كما في قوله: * (نزل به الروح الا مين) * أي نزل جبريل بالقرآن، وفي هذه الآية رد على النصارى استدلالهم بها على أن عيسى عليه السلام ابن الله ومن روحه تعالى، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، وبيان هذا الرد أن قوله تعالى: * (فأرسلنآ إليهآ روحنا) * تعدية أرسل بنفسه، يدل على أن الذي أرسل يمكن إرساله بنفسه، وهو فرق عند أهل اللغة، بينما يرسل نفسه وما يرسل مع غيره كالرسالة، والهدية، فيقال فيه: أرسلت إليه بكذا، كما في قوله: * (وإنى مرسلة إليهم بهدية) *.
فالهدية لا ترسل بنفسها، ومثله بعثت، تقول: بعثت البعير من مكانه، وبعثت مبعوثا، وبعثت برسالة، ثانيا قوله: * (فتمثل لها) * لفظ الروح مؤنث، كما في قوله تعالى: * (فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون) * أنت الفعل في بلغت، وهنا الضمير مذكر عائد لجبريل.
وقوله: * (فتمثل لها بشرا سويا) *، ولو أنه من روح الله على ما ذهب إليه النصارى، لما كان في حاجة إلى هذا التمثيل.