أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٢١٣
لذاك.
كما قال تعالى * (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) * وهذا كله لا يتأتى إلا بالإحصاء.
والإحصاء لا يكون إلا لمقدر معلوم، وعليه فقوله تعالى: * (قد جعل الله لكل شىء قدرا) * مؤكد لهذا كله، وكذلك فيه نص صريح أنه تعالى قد جعل لكل شيء من الأشياء أيا كان هو قدرا لا يتعداه لا بزيادة ولا بنقص، ولفظ شيء أعم العمومات.
وقد جاءت آيات كثيرة دالة على هذا العموم عامة وخاصة، فمن الآيات العامة قوله تعالى: * (إنا كل شىء خلقناه بقدر) *.
وقوله: * (وخلق كل شىء فقدره تقديرا) *.
وقوله: * (وكل شىء عنده بمقدار) *.
وقد جمع العام والخاص قوله: * (وإن من شىء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) *.
ومن التقدير الخاص في مخصوص قوله: * (والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغى لهآ أن تدرك القمر ولا اليل سابق النهار وكل فى فلك يسبحون) *.
إنها قدرة باهرة وحكمة بالغة، وإرادة قاهرة، وسلطة غالبة، قدرة من أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
وقد قال علماء الهيئة: أن حساب مسير هذه الأفلاك في منازلها أدق ما يكون من مآت أجزاء الثانية، ولو اختلف جزء من الثانية لاختل نظام العالم ولما صلحت على وجه الأرض حياة، ونحن نشاهد حركة الليل والنهار ونقصانهما وزيادتهما وفصول السنة كما قال تعالى: * (والله يقدر اليل والنهار علم ألن تحصوه) *.
وهو سبحانه وتعالى يحصيه، وكذلك التقدير لوجود الإنسان قبل وبعد وجوده، قال تعالى: * (من أى شىء خلقه من نطفة خلقه فقدره) * أي قدر خلقه وصورته ونوعه كما بين ذلك بقوله: * (يهب لمن يشآء إناثا ويهب لمن يشآء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) *. إلى قوله: * (إنه عليم قدير) *.
وهذا أيضا من آيات قدرته يرد بها سبحانه على من جحد وجود الله وكفر بالبعث
(٢١٣)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»