((سورة المنافقون)) * (إذا جآءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم سآء ما كانوا يعملون * ذلك بأنهم ءامنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون * وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون * وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون * سوآء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدى القوم الفاسقين * هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزآئن السماوات والا رض ولاكن المنافقين لا يفقهون * يقولون لئن رجعنآ إلى المدينة ليخرجن الا عز منها الا ذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولاكن المنافقين لا يعلمون * ياأيها الذين ءامنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولائك هم الخاسرون * وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتى أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جآء أجلهآ والله خبير بما تعملون) * قوله تعالى: * (إذا جآءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) *. قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الدراسة: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمنافقون جمع منافق وهو من يظهر الإيمان ويسر الكفر.
قالوا: نشهد إنك لرسول الله، أي قالوا ذلك نفاقا وخوفا، ولم يقولوه خالصا من قلوبهم. ولذا قال الله: * (والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) *، وإنما شهد عليهم بالكذب مع أن ظاهر قولهم حق لأن بواطنهم تكذب ظواهرهم لأن الأعمال بالنيات، وإنما كسر همزة إن في المواضع الثلاثة، لأنها بعد فعل معلق باللام، ولولا ذلك لفتحت، لأنها في محل المصدر.
ولأبي حيان قول حسن في ذلك إذ قال: إن قولهم: نشهد يجري مجرى اليمين. ولذلك تلقى بما يتلقى به القسم، وكذا فعل اليقين. والعلم يجري مجرى القسم بقوله: * (إنك لرسول الله) * أعني بقصد التوكيد بأن واللام، ثم قال: وأصل الشهادة أن يواطئ اللسان القلب، هذا بالنطق وذلك بالاعتقاد فأكذبهم الله: وفضحهم بقوله: * (والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) *.
أي لم تواطىء قلوبهم ألسنتهم على تصديقك، واعتقادهم أنك غير رسول، فهم كاذبون عند الله وعند من عرف حالهم، أو كاذبون عند أنفسهم، إذ أنهم يعتقدون أن قولهم: * (إنك لرسول الله) * كذب.
وجاء قوله تعالى: * (والله يعلم إنك لرسوله) * بين شهادتهم وتكذيبهم إيذانا بأن الأمر كما قالوا على حد قوله تعالى: * (وكفى بالله شهيدا محمد رسول الله) *.