أداء ما وجب عليه من صلاة الجمعة إلا بذلك.
وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهذا مخصوص من ظاهر النص المتقدم.
الجهة الثانية: جهة ندب واستحباب، وهذا لا يتقيد بزمن وإنما هو بحسب ظروف الشخص. فمن تمكن من البكور ولم يتعطل ببكوره ما هو ألزم منه، فيندب له البكور، وبحسب ما يكون بكوره في الساعات الخمس المذكورة في الحديث يكون ماله من الأجر، ويشهد لهذا المعنى أمران:
الأول: حديث الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الأول فالأول. فإذا حضر الإمام طوت الصحف وجلسوا يستمعون الذكر، فكتابة الأول فالأول قبل خروج الإمام، تدل على فضل الأولية قبل النداء كما تقدم.
الأمر الثاني: أننا وجدنا لكل واجب مندوبا والسعي إلى الجمعة عند النداء واجب، فيكون له مندوب وهو السعي قبل النداء، فكما للصلاة والصيام والزكاة واجب ومندوب. فكذلك للسعي واجب ومندوب، فواجبه بعد النداء، ومندوبه قبله، والله تعالى أعلم. الغسل للجمعة في قوله تعالى: * (إذا نودى للصلواة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) * ترتيب السعي إلى ذكر الله على النداء، ومعلوم أن هذا مقيد بسبق الطهر إجماعا. وقد جاء في قوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلواة فاغسلوا وجوهكم) * فكانت الطهارة بالوضوء شرطا في صحة الصلاة.
وهنا في خصوص الجمعة لم يذكر شيء في خصوص الطهر لها بوضوء أو غسل.
وقد جاءت أحاديث في غسل الجمعة منها حديث أبي سعيد من قوله صلى الله عليه وسلم: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)، وفي لفظ (طهر يوم الجمعة واجب على كل محتلم كطهر الجنابة) وهذا نص صريح في وجوب الغسل على كل من بلغ سن الحلم.
وجاء حديث آخر: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل). وهذا نص صريح في أفضلية الغسل على الوضوء، وبالتالي صحة الجمعة بالوضوء وهذا مذهب الجمهور.