أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٣٦
والسنة المؤكدة أو فرض الكفاية عند مالك وغيره على تفصيل في ذلك.
وقد رأيت النصوص عند الجميع، ولكن من أسباب الخلاف في حكم الأذان هو تردد النظر فيه هل هو في حق الوقت للإعلام بدخول الوقت، أو هو حق الصلاة نفسها، أو هو شعار للمسلمين؟
فعلى أنه من حق الوقت، فأذان واحد، فإنه يحصل به الإعلام ويكفي عن غيره، ولا يؤذن من فاته أول الوقت، ولا من يصلي في مسجد قد صليت فيه الفريضة أولا ولا للفوائت.
وإن كان من حق الصلاة فهل هو شرط في صحتها أو سنة مستقلة.
وعلى أنه للوقت للإعلام به، فإنه يعارضه حديث قصة تعريسهم آخر الليل، ولم يوقظهم إلا حر الشمس، وأمره صلى الله عليه وسلم بالانتقال عن ذلك الوادي ثم نزولهم والأمر بالأذان والإقامة، فلا معنى لكونه للوقت في هذا الحديث، وهو من رواية مالك في الموطأ.
وعلى أنه للصلاة فله جهتان:
الأولى: إذا كان المصلي منفردا ولا يطلب من يصلي معه.
والثانية: أنه إذا كانوا جماعة.
فإذا كان منفردا لا يطلب من يصلي معه، فلا ينبغي أن يختلف في كونه ليس شرطا في صحة الصلاة، وليس واجبا عليه لأن الأذان للإعلام، وليس هناك من يقصد إعلامه.
ولحديث المسئ صلاته المتقدم ذكره، وقد يدل لذلك ظاهر نصوص القرآن في بيان شروط الصلاة التي هي: الطهارة، والوقت، وستر العورة، واستقبال القبلة.
ففي الطهارة قال تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلواة فاغسلوا وجوهكم) *.
وفي الوقت قال تعالى: * (وأقم الصلواة طرفى النهار وزلفا من اليل) * ونحوها.
وفي العورة قال تعالى: * (يابنىءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد) *.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 135 135 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»