أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٤٠
أما ما ينسب إلى فاطمة الزهراء فلا مناسبة له ولا صحة له، وقد قال بعض المتأخرين: إنه منسوب إلى إحدى الفضليات من نساء العصور المتأخرة، واسمها فاطمة، وعليه فلعلها قد جددته ولم تؤسسه لأنه لا موجب أيضا لتبرعها بإنشاء مسجد بهذا القرب من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبمناسبة العمل بالقضاء فقد عرض على صك شرط وقف للأشراف الشراقمة بالمدينة المنورة، وفي بعض تحديد أعيانه يقول: الواقع في طريق الزوراء، ويحده جنوبا وقف الحلبي، ووقف الحلبي موجود حتى الآن معروف يقع عن المسجد الموجود بالفعل في الجنوب الشرقي وليس بينه وبين المسجد المذكور إلا السور والشارع فقط، وتاريخ هذا الصك قبل مائة سنة من تاريخ كتابة هذه الأحرف أي قبل عام ألف ومائتين من الهجرة.
وبهذا ترجح عندي أن موضع أذان عثمان رضي الله عنه كان بذلك المكان، وأنه المتوسط بسوق المدينة، وتقدر مسافته عن المسجد النبوي بحوالي مائتين وخمسين مترا تقريبا.
وقد كان الأذان الأول زمن النبي صلى الله عليه وسلم على المنارة، وهكذا الأذان للوقت زمن الخلفاء الراشدين، ثم من بعدهم. أما هذا الأذان فكان ابتداؤه من الزوراء، ثم نقل إلى باب المسجد، ثم نقل إلى ما بين يدي الإمام، وذلك زمن هشام بن عبد الملك، ثم نقل إلى المنارة.
أما زمانه فلم أقف على تحديد صحيح صريح، كم كان بينه وبين الثاني؟ وهل كان بعد دخول الوقت أو قبله.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح رواية عن الطبراني ما نصه: فأمر بالنداء الأول على دار له يقال لها الزوراء، فكان يؤذن عليها، فإذا جلس على المنبر أذن مؤذنه الأول، فإذا نزل أقام الصلاة، وفي رواية له من هذا الوجه: فأذن بالزوراء قبل خروجه ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت، إلى أن قال: وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياسا على بقية الصلوات، فألحق الجمعة بها، وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب. فتراه يرجح كونه بعد دخول الوقت وعند خروج عثمان أي من بيته وكان يسكن إلى تلك الجهة، ولكن هذا لا يتمشى مع الغرض من إيجاد هذا الأذان، لأنه لما كثر
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»