أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥٧
وقوله تعالى: * (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) * فقد سمى تعالى الذين يشرعون من الدين ما لم يأذن به الله شركاء، ومما يزيد ذلك إيضاحا، أن ما ذكره الله عن الشيطان يوم القيامة، من أنه يقول للذين كانوا يشركون به في دار الدنيا، إني كفرت بما أشركتمون من قبل، أن ذلك الإشراك المذكور ليس فيه شيء زائد على أنه دعاهم إلى طاعته فاستجابوا له كما صرح بذلك في قوله تعالى عنه: * (وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى) *، وهو واضح كما ترى.
* (فاطر السماوات والا رض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الا نعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير * له مقليد السماوات والا رض يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر إنه بكل شىء عليم * شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينآ إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبى إليه من يشآء ويهدى إليه من ينيب * وما تفرقوا إلا من بعد ما جآءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضى بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفى شك منه مريب * فلذلك فادع واستقم كمآ أمرت ولا تتبع أهوآءهم وقل ءامنت بمآ أنزل الله من كتاب وأمرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم لنآ أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير * والذين يحآجون فى الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد * الله الذى أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب * يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين ءامنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون فى الساعة لفى ضلال بعيد * الله لطيف بعباده يرزق من يشآء وهو القوى العزيز * من كان يريد حرث الا خرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له فى الا خرة من نصيب * أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم * ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين ءامنوا وعملوا الصالحات فى روضات الجنات لهم ما يشآءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذى يبشر الله عباده الذين ءامنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة فى القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور * أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور * وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون * ويستجيب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد * ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الا رض ولاكن ينزل بقدر ما يشآء إنه بعباده خبير بصير * وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولى الحميد * ومن ءاياته خلق السماوات والا رض وما بث فيهما من دآبة وهو على جمعهم إذا يشآء قدير * ومآ أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير) * قوله تعالى: * (فاطر السماوات والا رض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الا نعام أزواجا يذرؤكم فيه) *. قوله تعالى: * (فاطر السماوات والا رض) * تقدم تفسيره في أول سورة فاطر.
وقوله * (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) *.
أي خلق لكم أزواجا من أنفسكم كما قدمنا الكلام عليه في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: * (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) * وبينا أن المراد بالأزواج الإناث كما يوضحه قوله تعالى: * (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) *. وقوله تعالى: * (وأنه خلق الزوجين الذكر والا نثى من نطفة إذا تمنى) * وقوله: * (فجعل منه الزوجين الذكر والا نثى) * وقوله تعالى: * (واليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والا نثى) *. وقوله في آدم: * (ياأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) *. وقوله تعالى فيه أيضا: * (هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) *. وقوله تعالى فيه أيضا: * (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها) *.
وقوله تعالى: * (ومن الا نعام أزواجا) * هي الثمانية المذكورة في قوله تعالى: * (ثمانية أزواج من الضأن اثنين) *. وفي قوله: * (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الا نعام ثمانية أزواج) * وهي ذكور الضأن والمعز والإبل والبقر وإناثها، كما قدمنا إيضاحه في سورة آل عمران في الكلام على قوله تعالى: * (والأنعام والحرث) *.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»