أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥٦
لا تعبد الشيطان: أي باتباع ما يشرعه من الكفر والمعاصي، مخالفا لما شرعه الله.
وقال تعالى: * (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) * فقوله: * (وإن يدعون إلا شيطانا) * يعني ما يعبدون إلا شيطانا مريدا.
وقوله تعالى: * (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهاؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) *.
فقوله تعالى: * (بل كانوا يعبدون الجن) * أي يتبعون الشياطين ويطيعونهم فيما يشرعون ويزينون لهم، من الكفر والمعاصي على أصح التفسيرين.
والشيطان عالم بأن طاعتهم له المذكورة إشراك به كما صرح بذلك وتبرأ منهم في الآخرة، كما نص الله عليه في سورة إبراهيم في قوله تعالى: * (وقال الشيطان لما قضى الا مر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) * إلى قوله: * (إنى كفرت بمآ أشركتمون من قبل) * فقد اعترف بأنهم كانوا مشركين به من قبل أي في دار الدنيا، ولم يكفر بشركهم ذلك إلا يوم القيامة.
وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى الذي بيننا في الحديث لما سأله عدي بن حاتم رضي الله عنه عن قوله: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا) * كيف اتخذوهم أربابا؟ وأجابه صلى الله عليه وسلم (أنهم أحلوا لهم ما حرم الله وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم، وبذلك الاتباع اتخذوهم أربابا).
ومن أصرح الأدلة في هذا أن الكفار إذا أحلوا شيئا، يعلمون أن الله حرمه وحرموا شيئا يعلمون أن الله أحله، فإنهم يزدادون كفرا جديدا بذلك، مع كفرهم الأول، وذلك في قوله تعالى: * (إنما النسىء زيادة فى الكفر) * إلى قوله: * (والله لا يهدي القوم الكافرين) *.
وعلى كل حال فلا شك أن كل من أطاع غير الله، في تشريع مخالف لما شرعه الله، فقد أشرك به مع الله كما يدل لذلك قوله: * (وكذالك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركآؤهم) * فسماهم شركاء لما أطاعوهم في قتل الأولاد.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»