والمسوغ له في آية * (بما كسبت * أيديكم) * أن ما في قراءة نافع وابن عامر موصولة كما جزم به غير واحد من المحققين، أي والذي أصابكم من مصيبة كائن وواقع بسبب ما كسبت أيديكم.
وأما على قراءة الجمهور: فما موصولة أيضا، ودخول الفاء في خبر الموصول جائز كما أن عدمه جائز فكلتا القراءتين جارية على أمر جائز.
ومثال دخول الفاء في خبر الموصول قوله تعالى: * (الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * وهو كثير في القرآن وقال بعضهم: إن ما في قراء الجمهور شرطية، وعليه فاقتران الجزاء بالفاء واجب أما على قراءة نافع وابن عامر، فهي موصولة ليس إلا كما هو التحقيق إن شاء الله.
وكون ما شرطية على قراءة وموصولة على قراءة لا إشكال فيه. لما قدمنا من أن القراءتين في الآية الواحدة كالآيتين.
ومن الآيات الدالة على نحو ما دلت عليه آية الأنعام المذكورة قوله تعالى: * (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) *، فصرح بتوليهم للشيطان أي باتباع ما يزين لهم من الكفر والمعاصي مخالفا لما جاءت به الرسل، ثم صرح بأن ذلك إشراك به في قوله تعالى: * (والذين هم به مشركون) * وصرح أن الطاعة في ذلك الذي يشرعه الشيطان لهم ويزينه عبادة للشيطان.
ومعلوم أن من عبد الشيطان فقد أشرك بالرحمان قال تعالى: * (ألم أعهد إليكم يابنىءادم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدونى هاذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا) *، ويدخل فيهم متبعوا نظام الشيطان دخولا أولياء * (أفلم تكونوا تعقلون) *.
ثم بين المصير الأخير لمن كان يعبد الشيطان في دار الدنيا، في قوله تعالى: * (هاذه جهنم التى كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون اليوم نختم على أفواههم وتكلمنآ أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) * وقال تعالى: عن نبيه إبراهيم * (ياأبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمان عصيا) * فقوله: