أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٤٥
على عبده ليكون للعالمين نذيرا) * وقوله تعالى: * (ومآ أرسلناك إلا كآفة للناس) *، كما أوضحنا ذلك مرارا في هذا الكتاب المبارك.
وقد ذكرنا الجواب عن تخصيص أم القرى ومن حولها هنا وفي سورة الأنعام في قوله تعالى: * (ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالا خرة يؤمنون به) *، في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، فقلنا فيه: والجواب من وجهين.
الأول: أن المراد بقوله: * (ومن حولها) * شامل لجميع الأرض، كما رواه ابن جرير وغيره، عن ابن عباس.
الوجه الثاني: أنا لو سلمنا تسليما جدليا، أن قوله * (ومن حولها) * لا يتناول إلا القريب من مكة المكرمة حرسها الله، كجزيرة العرب مثلا، فإن الآيات الأخر، نصت على العموم كقوله * (ليكون للعالمين نذيرا) * وذكر بعض أفراد العام بحكم العام، لا يخصصه عند عامة العلماء، ولم يخالف فيه إلا أبو ثور.
وقد قدمنا ذلك واضحا بأدلته في سورة المائدة، فالآية على هذا القول كقوله * (وأنذر عشيرتك الا قربين) * فإنه لا يدل على عدم إنذار غيرهم، كما هو واضح. والعلم عند الله تعالى ا ه منه. قوله تعالى: * (وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه) *. تضمنت هذه الآية الكريمة أمرين:
أحدهما: أن من حكم إيحائه تعالى، إلى نبينا صلى الله عليه وسلم هذا القرآن العربي، إنذار يوم الجمع، فقوله تعالى: * (وتنذر يوم الجمع) * معطوف على قوله: * (لتنذر أم القرى) * أي لا بد أن تنذر أم القرى وأن تنذر يوم الجمع فحذف في الأول، أحد المفعولين وحذف في الثاني أحدهما، فكان ما أثبت في كل منهما، دليلا على ما حذف في الثاني، ففي الأول حذف المفعول الثاني، والتقدير (لتنذر أم القرى) أي أهل مكة ومن حولها، عذابا شديدا إن لم يؤمنوا، وفي الثاني حذف المفعول الأول، أي وتنذر الناس يوم الجمع وهو يوم القيامة أي تخوفهم مما فيه من الأهوال، والأوجال ليستعدوا لذلك في دار الدنيا.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»