أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٩٢
وكما يقال: هذا الشيء في يد فلان وتحت يد فلان، يراد به أنه تحت قدرته وفي ملكه.
ويقال: رجل أيد إذا كان قادرا.
وكما قال تعالى: * (خلقنا لهم مما عملت أيدينآ أنعاما) * يريد عملنا بقدرتنا. وقال الشاعر: خلقنا لهم مما عملت أيدينآ أنعاما) * يريد عملنا بقدرتنا. وقال الشاعر:
* إذا ما راية رفعت لمجد * تلقاها عرابة باليمين * فكذلك قوله: * (خلقت بيدى) * يعني بقدرتي أو نعمتي.
يقال لهم هذا باطل لأن قوله: * (بيدى) * يقتضي إثبات يدين هما صفة له.
فلو كان المراد بهما القدرة لموجب أن يكون له قدرتان.
وأنتم لا تزعمون أن للباري سبحانه قدرة واحدة، فكيف يجوز أن تثبتوا له قدرتين؟
وقد أجمع المسلمون من مثبتي الصفات والنافين لها على أنه لا يجوز أن يكون له تعالى قدرتان فبطل ما قلتم.
وكذلك لا يجوز أن يكون الله تعالى خلق آدم بنعمتين، لأن نعم الله تعالى على آدم وعلى غيره لا تحصى.
ولأن القائل لا يجوز أن يقول: رفعت الشيء بيدي أو وضعته بيدي أو توليته بيدي وهو يعني نعمته.
وكذلك لا يجوز أن يقال: لي عند فلان يدان يعني نعمتين.
وإنما يقال لي عنده يدان بيضاوان، لأن القول: يد، لا يستعمل إلا في اليد التي هي صفة الذات.
ويدل على فساد تأويلهم أيضا أنه لو كان الأمر على ما قالوه لم يغفل عن ذلك إبليس، وعن أن يقول وأي فضل لآدم علي يقتضي أن أسجد له، وأنا أيضا بيدك خلقتني التي هي قدرتك وبنعمتك خلقتني؟
وفي العلم بأن الله تعالى فضل آدم عليه بخلقه بيديه، دليل على فساد ما قالوه.
(٢٩٢)
مفاتيح البحث: الجواز (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»