أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٩٤
فإن قال قائل: ففصلوا لي صفات ذاته من صفات أفعاله، لأعرف ذلك.
قيل له: صفات ذاته هي التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها.
وهي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه والعينان واليدان. ا ه محل الغرض منه بلفظه.
وقد نقلناه من نسخة هي أجود نسخة موجودة لكتاب التمهيد للباقلاني المذكور.
وترى تصريحه فيها بأن صفة الوجه واليد من صفات المعاني كالحياة والعلم والقدرة والإرادة، كما هو قول أبي الحسن الأشعري الذي قدمنا إيضاحه.
واعلم أن إمام الحرمين، أبا المعالي الجويني، كان في زمانه من أعظم أئمة القائلين بالتأويل، وقد قرر التأويل وانتصر له في كتابه الإرشاد.
ولكنه رجع عن ذلك في رسالته العقيدة النظامية فإنه قال فيها:
اختلف مسالك العلماء، في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق فحواها وإجراؤها على موجب ما تبرزه أفهام أرباب اللسان منها.
فرأى بعضهم تأويلها، والتزام هذا المنهج في آي الكتاب وفيما صح من سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب سبحانه.
والذي نرتضيه رأيا وندين الله به عقدا، اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع وترك الابتداع والدليل السمعي القاطع في ذلك، أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة.
وقد درج صحب الرسول صلى الله عليه وسلم على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها وهم صفوة الإسلام والمشتغلون بأعباء الشريعة.
وكانوا لا يألون جهدا في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظها وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»