أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٦
وأما الذي اتصف الله به من ذلك، فلا تعرف له العرب كيفية، ولا حدا لمخالفة صفاته لصفات الخلق، إلا أنهم يعرفون من لغتهم أصل المعنى، كما قال الإمام مالك رحمه الله: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
كما يعرفون من لغتهم، أن بين الخالق والمخلوق، والرزق والمرزوق، والمحيي والمحيا، والمميت والممات. فوارق عظية لا حد لها، تستلزم المخالفة، التامة، بين صفات الخالق والمخلوق.
الوجه الثاني: أن نقول لمن قال: بينوا لنا كيفية لليد ملائمة لما ذكرتم، من كونها صفة كمال، وجلال، منزهة عن مشابهة جارحة المخلوق.
هل عرفت كيفية الذات المقدسة المتصفة باليد، فلا بد أن يقول: لا. فإن قال ذلك.
قلنا: معرفة كيفية الصفات تتوقف على معرفة كيفية الذات.
فالذات والصفات من باب واحد.
فكما أن ذاته جل وعلا تخالف جميع الذوات، فإن صفاته تخالف جميع الصفات.
ومعلوم أن الصفات، تختلف وتتباين، باختلاف موصوفاتها.
ألا ترى مثلا أن لفظة رأس كلمة واحدة؟
إن أضفتها إلى الإنسان فقلت رأس الإنسان، وإلى الوادي فقلت رأس الوادي، وإلى المال فقلت رأس المال، وإلى الجبل فقلت رأس الجبل.
فإن كلمة الرأس اختلفت معانيها، وتباينت تباينا، شديدا بحسب اختلاف إضافتها مع أنها في مخلوقات حقيرة.
(٢٧٦)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»