ما ملكت أيمانهن) *. وقوله: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) *. وقوله: * (فما الذين فضلوا برآدى رزقهم على ما ملكت أيمانهم) *. وقوله * (هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركآء) *، فالمراد بملك اليمين في جميع هذه الآيات كلها الملك بالرق، والأحاديث والآيات بمثل ذلك يتعذر حصرها، وهي معلومة، فلا ينكر الرق في الإسلام، إلا مكابر أو ملحد أو من لا يؤمن بكتاب الله، ولا بسنة رسوله.
وقد قدمنا حكمة الملك بالرق وإزالة الإشكال في ملك الرقيق المسلم في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: * (إن هاذا القرءان يهدى للتى هى أقوم) *.
ومن المعلوم أن كثيرا من أجلاء علماء المسلمين ومحدثيهم الكبار كانوا أرقاء مملوكين، أو أبناء أرقاء مملوكين.
فهذا محمد بن سيرين كان أبوه سيرين عبدا لأنس بن مالك.
وهذا مكحول كان عبدا لامرأة من هذيل فأعتقته.
ومثل هذا أكثر من أن يحصى كما هو معلوم.
واعلم أن ما يدعيه بعض من المتعصبين، لنفي الرق في الإسلام من أن آية القتال هذه دلت على نفي الرق من أصله، لأنها أوجبت واحدا من أمرين لا ثالث لهما، وهما المن والفداء فقط فهو استدلال ساقط من وجهين:
أحدهما أن فيه استدلالا بالآية، على شيء لم يدخل فيها، ولم تتناوله أصلا، والاستدلال إن كان كذلك فسقوطه كما ترى.
وإيضاح ذلك أن هذه الآية التي فيها تقسيم حكم الأسارى، إلى من وفداء، لم تتناول قطعا إلا الرجال المقاتلين من الكفار لأن قوله * (فضرب الرقاب) *، وقوله: * (حتى إذآ أثخنتموهم) *. صريح في ذلك كما ترى.
وعلى إثخان هؤلاء المقاتلين رتب بالفاء قوله: * (فشدوا الوثاق) *.
فظهر أن الآية لم تتناول أنثى ولا صغيرا البتة.
ويزيد ذلك إيضاحا أن النهي عن قتل نساء الكفار وصبيانهم ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم،