أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٥
* (وقدمنآ إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هبآء منثورا) *، وهذا هو الصواب في معنى الآية.
وقيل: أضل أعمالهم أي أبطل كيدهم، الذي أرادوا أن يكيدوا به النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات وءامنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم) * أي غفر لهم ذنوبهم وتجاوز لهم عن أعمالهم السيئة * (وأصلح بالهم) * أي أصلح لهم شأنهم وحالهم إصلاحا لا فساد معه، وما ذكره جل وعلا هنا في أول هذه السورة الكريمة، من أن يبطل أعمال الكافرين، ويبقي أعمال المؤمنين جاء موضحا في آيات كثيرة كقوله تعالى: * (من كان يريد الحيواة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولائك الذين ليس لهم فى الا خرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون) *. وقوله تعالى: * (من كان يريد حرث الا خرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له فى الا خرة من نصيب) * وقوله تعالى: * (وقدمنآ إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هبآء منثورا أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) *.
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا مع بعض الأحاديث الصحيحة فيه، مع زيادة إيضاح مهمة في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: * (ومن أراد الا خرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولائك كان سعيهم مشكورا) *. وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: * (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) *، وذكرنا طرفا منه في سورة الأحقاف في الكلام على قوله تعالى: * (أذهبتم طيباتكم فى حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (أضل أعمالهم) * أصله من الضلال بمعنى الغيبة، والاضمحلال. لا من الضالة كما زعمه الزمخشري فهو كقوله: * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) *.
وقد قدمنا معاني الضلال في القرآن واللغة، في سورة الشعراء في الكلام على قوله: * (قال فعلتهآ إذا وأنا من الضآلين) *، وفي آخر الكهف في الكلام
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»