أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٣٩
إلى الفعل إجماعا ما لم يرد مجرد لفظه على سبيل الحكاية.
ومفهوم اللقب عند القائل به إنما هو فيما إذا كان اللقب مسندا إليه، لأن تخصيصه بالذكر عند القائل به يدل على اختصاص الحكم به دون غيره، وإلا لما كان للتخصيص بالذكر فائدة كما عللوا به مفهوم الصفة.
وأجيب من جهة الجمهور: بأن اللقب ذكر ليمكن الحكم لا لتحصيصه بالحكم، إذ لا يمكن الإسناد بدون مسند إليه.
ومما يوضح ذلك أن مفهوم الصفة الذي حمل عليه اللقب عند القائل به إنما هو المسند إليه لا في المسند، لأن المسند إليه هو الذي تراعى أفراده وصفاتها، فيقصد بعضها بالذكر دون بعض فيختص الحكم بالذكور.
أما المسند فإنه لا يراعى فيه شيء من الأفراد والأوصاف أصلا، وإنما يراعى فيه مجرد الماهية التي هي الحقيقة الذهنية.
ولو حكمت مثلا على الإنسان بأنه حيوان، فإن المسند إليه الذي هو الإنسان في هذا المثال يقصد به جميع أفراده، لأن كل فرد منها حيوان بخلاف المسند الذي هو الحيوان في هذا المثال فلا يقصد به إلا مطلق ماهيته، وحقيقته الذهنية من غير مراعاة الأفراد، لأنه لو روعيت أفراده لاستلزم الحكم على الإنسان بأنه فرد آخر من أفراد الحيوان كالفرس مثلا.
والحكم بالمباين على المباين باطل، إذا كان إيجابيا باتفاق العقلاء.
وعامة النظار على أن موضوع القضية إذا كانت غير طبيعية يراعى فيه ما يصدق عليه عنوانها من الأفراد باعتبار الوجود الخارجي، إن كانت خارجية أو الذهني إن كانت حقيقية.
وأما المحمول من حيث هو فلا تراعى فيه الأفراد البتة.
وإنما يراعى فيه مطلق الماهية، ولو سلمنا تسليما جدليا أن مثل هذه الآية يدخل في مفهوم اللقب، فجماهير العلماء على أن مفهوم اللقب لا عبرة به، وربما كان اعتباره كفرا كما لو اعتبر معتبر مفهوم اللقب في قوله تعالى: * (محمد رسول الله) * فقال: يفهم من مفهوم لقبه أن غير محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن رسول الله، فهذا كفر بإجماع المسلمين.
فالتحقيق أن اعتبار مفهوم اللقب لا دليل عليه شرعا ولا لغة ولا عقلا، سواء كان
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»