أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٥٢
وقوله تعالى في بيان صفات من وعدهم بالنصر في الآيات المذكورة: * (الذين إن مكناهم فى الا رض أقاموا الصلواة وآتوا الزكواة وأمروا بالمعروف) *. يدل على أن الذين لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، ليس لهم وعد من الله بالنصر البتة.
فمثلهم كمثل الأجير الذي لم يعمل لمستأجره شيئا ثم جاءه يطلب منه الأجرة.
فالذين يرتكبون جميع المعاصي ممن يتسمون باسم المسلمين ثم يقولون: إن الله سينصرنا مغررون لأنهم ليسوا من حزب الله الموعودين بنصره كما لا يخفى.
ومعنى نصر المؤمنين لله، نصرهم لدينه ولكتابه، وسعيهم وجهادهم، في أن تكون كلمته هي العليا، وأن تقام حدوده في أرضه، وتتمثل أوامره وتجتنب نواهيه، ويحكم في عباده بما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم. قوله تعالى: * (أفلم يسيروا فى الا رض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها) *. قد قدمنا إيضاحه في سورة هود في الكلام على قوله تعالى: * (وما هى من الظالمين ببعيد) *، وأحلنا على الآيات الموضحة لذلك في سورة الروم في الكلام على قوله تعالى: * (أولم يسيروا فى الا رض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الا رض) *. وأوضحناها في الزخرف في الكلام على قوله: * (فأهلكنآ أشد منهم بطشا) * وفي الأحقاف في الكلام على قوله تعالى: * (ولقد مكناهم فيمآ إن مكناكم فيه) *، وفي غير ذلك من المواضع. قوله تعالى: * (وكأين من قرية هى أشد قوة من قريتك التى أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم) *. التي توضح معنى هذه الآية، هي المشار إليها في نفس الآية، التي ذكرنا قبلها.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من إخراج كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم منها بينه في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أوليآء تلقون إليهم
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»