وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من أن اختلاف الأعمال، يستلزم اختلاف الثواب، لا يتوهم استواءهما إلا الكافر الجاهل، الذي يستوجب الإنكار عليه، جاء موضحا في آيات أخر، كقوله تعالى: * (أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون) *. وقوله تعالى: * (أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الا رض أم نجعل المتقين كالفجار) *. وقوله تعالى: * (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم سآء ما يحكمون) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (كذلك يضرب الله للناس أمثالهم) *.
قال فيه الزمخشري: فإن قلت: أين ضرب الأمثال؟
قلت: في جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار.
واتباع الحق مثلا لعمل المؤمنين. أو في أن جعل الإضلال مثلا لخيبة الكفار، وتكفير السيئات مثلا لفوز المؤمنين. ا ه. منه.
وأصل ضرب الأمثال يراد منه بيان الشيء بذكر نظيره الذي هو مثل له. قوله تعالى: * (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذآ أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فدآء حتى تضع الحرب أوزارها) *. قوله تعالى: فضرب الرقاب مصدر نائب عن فعله، وهو بمعنى فعل الأمر، ومعلوم أن صيغ الأمر في اللغة العربية أربع:
وهي فعل الأمر كقوله تعالى: * (أقم الصلواة لدلوك الشمس) *.
واسم فعل الأمر كقوله تعالى: * (عليكم أنفسكم) *.
والفعل المضارع المجزوم بلام الأمر كقوله تعالى: * (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم) *.
والمصدر النائب عن فعله كقوله تعالى: * (فضرب الرقاب) *، أي فاضربوا رقابهم، وقوله تعالى: * (حتى إذآ أثخنتموهم) * أي أوجعتم فيهم قتلا.