أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٠
وقد بين تعالى في قد أفلح المؤمنون أن الحق لو اتبع أهواءهم لفسد العالم وذلك في قوله تعالى: * (ولو اتبع الحق أهوآءهم لفسدت السماوات والا رض ومن فيهن) *.
والأهواء: جمع هوى بفتحتين وأصله مصدر، والهمزة فيه مبدلة من ياء كما هو معلوم. قوله تعالى: * (وإن الظالمين بعضهم أوليآء بعض) *. قد قدمنا في هذا الكتاب المبارك مرارا أن الظلم في لغة العرب أصله وضع الشيء في غير موضعه.
وأن أعظم أنواعه الشرك بالله لأن وضع العبادة في غير من خلق ورزق هو أشنع أنواع وضع الشيء في غير موضعه. ولذا كثر في القرآن العظيم، إطلاق الظلم بمعنى الشرك. كقوله تعالى: * (والكافرون هم الظالمون) *. وقوله تعالى: * (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) *. وقوله تعالى: * (ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا) *. وقوله تعالى في لقمان: * (يابنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) *. وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر قوله تعالى: * (الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) * (بأن معناه ولم يلبسوا إيمانهم بشرك).
وما تضمنته آية الجاثية هذه من أن الظالمين بعضهم أولياء بعض جاء مذكورا في غير هذا الموضع كقوله تعالى في آخر الأنفال: * (والذين كفروا بعضهم أوليآء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة فى الا رض وفساد كبير) *. وقوله تعالى: * (وكذالك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) *. وقوله تعالى: * (والذين كفروا أوليآؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) *. وقوله تعالى: * (إنهم اتخذوا الشياطين أوليآء من دون الله) *. وقوله تعالى: * (فقاتلوا أولياء الشيطان) *. وقوله تعالى: * (إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه) *، وقوله
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»