أولها أن * (متوفيك) * حقيقة لغوية في أخذه بروحه وجسمه.
الثاني: أن * (متوفيك) * وصف محتمل للحال والاستقبال والماضي، ولا دليل في الآية على أن ذلك التوفي قد وقع ومضى، بل السنة المتواترة والقرآن دالان على خلاف ذلك، كما أوضحنا في هذا المبحث.
الثالث: أنه توفي نوم، وقد ذكرنا الآيات الدالة على أن النوم يطلق عليه الوفاة، فكل من النوم والموت، يصدق عليه اسم التوفي، وهما مشتركان في الاستعمال العرفي.
فهذه الأوجه الثلاثة ذكرناها كلها في الكلام الذي نقلنا من كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب.
وذكرنا الأول منها بانفراده لنبين مذاهب الأصوليين فيه.
أما قوله تعالى: * (فلما توفيتنى) *، فدلالته على أن عيسى مات، منفية من وجهين:
الأول منهما: أن عيسى يقول ذلك يوم القيامة، ولا شك أن يموت قبل يوم القيامة، فإخباره يوم القيامة بموته، لا يدل على أنه الآن قد مات كما لا يخفى.
والثاني منهما: أن ظاهر الآية أنه توفي رفع وقبض للروح والجسد، لا توفي موت.
وإيضاح ذلك أن مقابلته لذلك التوفي بالديمومة فيهم في قوله: * (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتنى) *، تدل على ذلك لأنه لو كان توفي موت، لقال ما دمت حيا، فلما توفيتني لأن الذي يقابل بالموت هو الحياة كما في قوله: * (وأوصانى بالصلواة والزكواة ما دمت حيا) *.
أما التوفي المقابل بالديمومة فيهم فالظاهر أنه توفي انتقال عنهم، إلى موضع آخر.
وغاية ما في ذلك هو حمل اللفظ على حقيقته اللغوية مع قرينة صارفة عن قصد العرفية، وهذا لا إشكال فيه.
وأما الوجه الرابع، من الأوجه المذكورة سابقا، أن الذين زعموا أن عيسى قد مات، قالوا إنه لا سبب لذلك الموت، إلا أن اليهود قتلوه وصلبوه، فإذا تحقق نفي هذا السبب