وبيان ذلك هو ما قاله الفهري كما ذكره عنه صاحب الضياء اللامع.
وهو أنها كما أنها لا تقتضي الترتيب ولا المعية، فكذلك لا تقتضي المنع منهما.
فقد يكون العطف بها مع قصد الاهتمام بالأول كقوله: * (إن الصفا والمروة من شعآئر الله) * بدليل الحديث المتقدم.
وقد يكون المعطوف بها مرتبا كقول حسان: * هجوت محمدا وأجبت عنه على رواية الواو.
وقد يراد بها المعية كقوله: * (فأنجيناه وأصحاب السفينة) * وقوله * (وجمع الشمس والقمر) * ولكن لا تحمل على الترتيب ولا على المعية إلا بدليل منفصل.
الوجه الثاني: أن معنى * (متوفيك) * أي منيمك ورافعك إلي، أي في تلك النومة.
وقد جاء في القرآن إطلاق الوفاة على النوم في قوله تعالى: * (وهو الذى يتوفاكم باليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) *، وقوله: * (الله يتوفى الا نفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها) *، وعزى ابن كثير هذا القول للأكثرين، واستدل بالآيتين المذكورتين.
الوجه الثالث: أن متوفيك، اسم فاعل توفاه، إذا قبضه وحازه إليه، ومنه قولهم: توفي فلان دينه إذا قبضه إليه، فيكون معنى متوفيك على هذا، قابضك منهم إلي حيا، وهذا القول هو اختيار ابن جرير.
وأما الجمع بأنه توفاه ساعات أو أياما، ثم أحياه فلا معول عليه، إذ لا دليل عليه. ا ه. من دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب.
وقد قدمنا في هذا البحث أن دلالة قوله تعالى: * (متوفيك) * على موت عيسى فعلا، منفية من أربعة أوجه، وقد ذكرنا منها ثلاثة، من غير تنظيم،