عيسى، ولكنه بين ذلك في المائدة، في قوله تعالى: * (إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذنى وتبرىء الا كمه والا برص بإذنى وإذ تخرج الموتى بإذنى وإذ كففت بنى إسراءيل عنك إذ جئتهم بالبينات) * وفي آل عمران، في قوله تعالى * (إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والا خرة ومن المقربين) * إلى قوله * (ومن الصالحين) * إلى غير ذلك من الآيات.
* (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هاذا صراط مستقيم * ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين * ولما جآء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون * إن الله هو ربى وربكم فاعبدوه هاذا صراط مستقيم * فاختلف الا حزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم * هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون * الا خلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين * ياعباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون * الذين ءامنوا بأاياتنا وكانوا مسلمين * ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون * يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الا نفس وتلذ الا عين وأنتم فيها خالدون * وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون * لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون * إن المجرمين فى عذاب جهنم خالدون * لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون * وما ظلمناهم ولاكن كانوا هم الظالمين * ونادوا يامالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون * لقد جئناكم بالحق ولاكن أكثركم للحق كارهون * أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) * قوله تعالى: * (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها) *. التحقيق أن الضمير في قوله: وإنه راجع إلى عيسى لا إلى القرآن، ولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ومعنى قوله: * (لعلم للساعة) * على القول الحق الصحيح الذي يشهد له القرآن العظيم، والسنة المتواترة، هو أن نزول عيسى في آخر الزمان، حيا علم للساعة أي علامة لقرب مجيئها لأنه من أشراطها الدالة على قربها.
وإطلاق علم الساعة على نفس عيسى، جار على أمرين، كلاهما أسلوب عربي معروف.
أحدهما: أن نزول عيسى المذكور، لما كان علامة لقربها، كانت تلك العلامة، سببا لعلم قربها، فأطلق في الآية المسبب وأريد السبب.
وإطلاق المسبب وإرادة السبب، أسلوب عربي معروف في القرآن، وفي كلام العرب.
ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: * (وينزل لكم من السمآء رزقا) *.
فالرزق مسبب عن المطر والمطر سببه، فأطلق المسبب الذي هو الرزق وأريد سببه الذي هو المطر للملابسة القوية التي بين السبب والمسبب.
ومعلوم أن البلاغيين، ومن وافقهم، يزعمون أن مثل ذلك، من نوع ما يسمونه المجاز المرسل، وأن الملابسة بين السبب والمسبب من علاقات المجاز المرسل عندهم.