المثل إلا لأجل الخصومة بالباطل، مع أنهم يعلمون أنك لا ترضى أن تعبد بوجه من الوجوه.
وقوله تعالى: * (قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سوآء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله) *.
وإن كان من القرآن المدني النازل بعد الهجرة فمعناه يكرره عليهم النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا قبل الهجرة كما هو معلوم.
وكذلك قوله * (ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) *.
ولا شك أن كفار قريش متيقنون، في جميع المدة التي أقامها صلى الله عليه وسلم، في مكة قبل الهجرة بعد الرسالة، وهي ثلاث عشرة سنة، أنه لا يدعو إلا إلى عبادة الله، وحده لا شريك له.
فادعاؤهم أنه يريد أن يعبدوه، افتراء منهم، وهم يعلمون أنهم مفترون، في ذلك.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (ءأالهتنا خير أم هو) *؟
التحقيق أن الضمير في قوله * (هو) * راجع إلى عيسى، لا إلى محمد عليهما الصلاة والسلام.
قال بعض العلماء: ومرادهم بالاستفهام تفضيل معبوداتهم على عيسى.
قيل: لأنهم يتخذون الملائكة آلهة، والملائكة أفضل عندهم من عيسى.
وعلى هذا فمرادهم أن عيسى عبد من دون الله، ولم يكن ذلك سببا لكونه في النار، ومعبوداتنا خير من عيسى، فكيف تزعم أنهم في النار.
وقال بعض العلماء: أرادوا تفضيل عيسى على آلهتهم.
والمعنى على هذا أنهم يقولون: عيسى خير من آلهتنا، أي في زعمك وأنت تزعم أنه في النار، بمقتضى عموم ما تتلوه من قوله * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) *.
وعيسى عبده النصارى من دون الله، فدلالة قولك على أن عيسى في النار، مع