اعترافك بخلاف ذلك، يدل على أن ما تقوله، من أنا وآلهتنا، في النار ليس بحق أيضا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (بل هم قوم خصمون) * أي لد، مبالغون في الخصومة، بالباطل، كما قال تعالى: * (وتنذر به قوما لدا) * أي شديدي الخصومة.
وقوله تعالى: * (وهو ألد الخصام) *، لأن الفعل بفتح فكسر كخصم، من صيغ المبالغة، كما هو معلوم في محله.
وقد علمت مما ذكرنا أن قوله تعالى هنا * (ولما ضرب ابن مريم مثلا) * إنما بينته الآيات التي ذكرنا ببيان سببه.
ومعلوم أن الآية قد يتضح معناها ببيان سببها.
فعلى القول الأول، أنهم ضربوا عيسى مثلا لأصنامهم، في دخول النار، فإن ذلك المثل يفهم من أن سبب نزول الآية نزول قوله تعالى قبلها * (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) * لأنها لما نزلت قالوا إن عيسى عبد من دون الله كآلهتهم فهم بالنسبة لما دلت عليه سواء.
وقد علمت بطلان هذا مما ذكرناه آنفا.
وعلى القول الثاني أنهم ضربوا عيسى مثلا لمحمد صلى الله عليه وسلم، في أن عيسى قد عبد، وأنه صلى الله عليه وسلم، يريد أن يعبد كما عبد عيسى، فكون سبب ذلك سماعهم لقوله تعالى: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل ءادم خلقه من تراب) * وسماعهم للآيات المكية النازلة في شأن عيسى يوضح المراد بالمثل.
وأما الآيات التي بينت قوله * (ما ضربوه لك إلا جدلا) * فبيانها له واضح على كلا القولين. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه) *. والتحقيق أن الضمير في قوله: هو عائد إلى عيسى أيضا لا إلى محمد عليهما الصلاة والسلام.
وقوله هنا: * (عبد أنعمنا عليه) * لم يبين هنا شيئا من الإنعام الذي أنعم به على عبده