أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٤
القرينة الثانية: هي دلالة آيات من كتاب الله، على أن المعبودين غافلون عن عبادة من عبدهم: أي لا يعلمون بها لكونهم غير عقلاء كقوله تعالى في سورة يونس * (وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون * فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين) * وإنما كانوا غافلين عنها لأنهم جماد لا يعقلون. وإطلاق اللفظ المختص بالعقلاء عليهم، نظرا إلى أن المشركين نزلوهم منزلة العقلاء كما أوضحناه في غير هذا الموضع، وكقوله تعالى في الأحقاف: * (ومن أضل ممن * يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) * فقد دل قوله تعالى: * (وهم عن دعائهم غافلون) * على أنهم لا يعقلون، ومع ذلك قال: * (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) * وكقوله تعالى في العنكبوت * (وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحيواة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن) * الآية. فصرح بأنهم أوثان، ثم ذكر أنهم هم وعبدتهم يلعن بعضهم بعضا. وكقوله تعالى: * (كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله في هذه الآية الكريمة * (حتى نسوا الذكر) * الظاهر أن معنى نسوا تركوا. والأظهر أن الذكر هو ما جاءت به الرسل من التوحيد، وقيل ذكر الله بشكر نعمه، والأصح أن قوله بورا معناه هلكى، وأصله اسم مصدر يقع على الواحد وعلى الجماعة، فمن إطلاقه على الجماعة قوله هنا * (وكانوا قوما بورا) * وقوله في سورة الفتح * (وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا) * ومن إطلاقه على المفرد قول عبد الله بن الزبعري السهمي رضي الله عنه. وقوله في هذه الآية الكريمة * (حتى نسوا الذكر) * الظاهر أن معنى نسوا تركوا. والأظهر أن الذكر هو ما جاءت به الرسل من التوحيد، وقيل ذكر الله بشكر نعمه، والأصح أن قوله بورا معناه هلكى، وأصله اسم مصدر يقع على الواحد وعلى الجماعة، فمن إطلاقه على الجماعة قوله هنا * (وكانوا قوما بورا) * وقوله في سورة الفتح * (وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا) * ومن إطلاقه على المفرد قول عبد الله بن الزبعري السهمي رضي الله عنه.
* يا رسول المليك إن لساني * راتق ما فتقت إذ أنا بور * ويطلق البور على الهلاك. وعن ابن عباس أنها لغة أهل عمان، وهم من أهل اليمن، ومنه قول الشاعر: ويطلق البور على الهلاك. وعن ابن عباس أنها لغة أهل عمان، وهم من أهل اليمن، ومنه قول الشاعر:
* فلا تكفروا ما قد صنعنا إليكم * وكافوا به فالكفر بور لصانعه * واعلم أن ما ذكره الزمخشري في هذه الآية، وأطنب فيه من أن الله لا يضل أحدا
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»