أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٣٢
وقوله في هذه الآية الكرية: * (كان على ربك وعدا مسئولا) * فيه وجهان معروفان.
أحدهما: أن معنى كونه مسئولا أن المؤمنين كانوا يسألونه، وكانت الملائكة أيضا تسأله لهم، أما سؤال المسلمين له فقد ذكره تعالى: بقوله عنهم: * (ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد) * وسؤال الملائكة لهم إياه ذكره تعالى أيضا في قوله: * (ربنا وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم) * الآية، وقال بعض العلماء: مسئولا: أي واجبا لأن ما وعد الله به واجب الوقوع، لأنه لا يخلف الميعاد، وهو جل وعلا يوجب على نفسه بوعده الصادق ما شاء لا معقب لحكمه ويستأنس لهذا القول بلفظة على في قوله: * (كان على ربك وعدا مسئولا) * كقوله تعالى: * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) * وقال بعض أهل العلم: إن المسلمين يوم القيامة يقولون: قد فعلنا في دار الدنيا كل ما أمرتنا به فأنجز لنا ما وعدتنا، والقولان الأولان أقرب من هذا. والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: * (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول * ءأنتم أضللتم عبادى هؤلاء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغى لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولاكن متعتهم وءاباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا) *. قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن كثير وحفص عن عاصم: نحشرهم، بالنون الدالة على العظمة، وقرأ ابن كثير، وحفص، عن عاصم: يحشرهم بالياء المثناة التحتية، وقرأ عامة السبعة غير ابن عامر، فيقول بالياء المثناة التحتية، وقرأ ابن عامر فنقول بنون العظمة.
فتحصل أن ابن كثير وحفصا يقرآن بالياء التحتية فيهما، وأن ابن عامر يقرأ بالنون فيهما، وأن باقي السبعة يقرءون: نحشرهم بالنون، فيقول بالياء، وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه يحشر الكفار يوم القيامة، وما كانوا يعبدون من دونه: أن يجمعهم جميعا فيقول للمعبودين: أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء فزينتم لهم أن يعبدوكم من دوني، أم هم ضلوا السبيل: أي كفروا وأشركوا بعبادتهم إياكم من دوني من تلقاء أنفسهم من غير أن تأمروهم بذلك ولا أن تزينوه لهم، وأن المعبودين يقولون: سبحانك أي تنزيها لك عن
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»