الشركاء وكل ما لا يليق بجلالك وعظمتك، ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء: أي ليس للخلائق كلهم، أن يعبدوا أحدا سواك لا نحن ولا هم، فنحن ما دعوناهم إلى ذلك، بل فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم، من غير أمرنا، ونحن برآء منهم، ومن عبادتهم، ثم قال: * (ولاكن متعتهم وءاباءهم) * أي طال عليهم العمر، حتى نسوا الذكرى أي نسوا ما أنزلته عليهم على ألسنة رسلك، من الدعوة إلى عبادتك وحدك، لا شريك لك، وكانوا قوما بورا قال ابن عباس أي هلكى، وقال الحسن البصري ومالك عن الزهري: أي لا خير فيهم ا ه. الغرض من كلام ابن كثير.
وقال أبو حيان في البحر: ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء: أي ما كان يصح لنا ولا يستقيم إلى آخر كلامه.
وإذا عرفت ما ذكره جل وعلا في هذه الآية من سؤاله للمبعودين وجوابهم له، فاعلم أن العلماء اختلفوا في المعبودين. فقال بعضهم: المراد بهم الملائكة وعيسى وعزير قالوا: هذا القول يشهد له القرآن، لأن فيه سؤال عيسى والملائكة عن عبادة عن عبدهم، كما قال في الملائكة: * (ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) * وقال في عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام * (وإذ قال الله ياعيسى عيسى ابن مريم قلت للناس اتخذونى وأمى إلاهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق) * وجواب الملائكة وجواب عيسى كلاهما شبيه بجواب المعبودين في آية الفرقان هذه، ولذلك اختار غير واحد من العلماء أن المعبودين الذين يسألهم الله في سورة الفرقان هذه هم خصوص العقلاء، دون الأصنام.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الأظهر عندي شمول المعبودين المذكورين للأصنام، مع الملائكة وعيسى، وعزير لأن ذلك تدل عليه قرينتان قرآنيتان.
الأولى: أنه عبر عن المعبودين المذكورين بما التي هي لغير العاقل في قوله: * (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله) * الآية. فلفظة ما تدل على شمول غير العقلاء، وأنه غلب غير العاقل لكثرته.