أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) *.
قال الزمخشري: ضربوا لك الأمثال قالوا: فيك تلك الأقوال، واقترحوا لك تلك الصفات والأحوال النادرة، من نبوة مشتركة بين إنسان وملك، وإلقاء كنز عليك من السماء، وغير ذلك، فبقوا متحيرين ضلالا لا يجدون قولا يستقرون عليه، أو فضلوا عن الحق، فلا يجدون طريقا إليه ا ه.
والأظهر عندي في معنى الآية ما قاله غير واحد من أن معنى: ضربوا لك الأمثال: أنها تارة يقولون إنك ساحر، وتارة مسحور، وتارة مجنون، وتارة شاعر، وتارة كاهن، وتارة كذاب، ومن ذلك ما ذكر الله عنهم من قوله هنا: * (وقال الذين كفروا إن هاذا إلا إفك افتراه) * الآية، وقوله: * (وقالوا أساطير الاولين) * وقوله: * (وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) * وقوله تعالى: * (فضلوا) * أي عن طريق الحق، لأن الأقوال التي قالوها، والأمثال التي ضربوها كلها كذب وافتراء، وكفر مخلد في نار جهنم، فالذين قالوها هم أضل الضالين، وقوله تعالى: * (فلا يستطيعون سبيلا) * فيه أقوال كثيرة متقاربة.
وأظهرها أن معنى: فلا يستطيعون سبيلا: أي طريقا إلى الحق والصواب، ونفي الاستطاعة المذكور هنا كقوله تعالى: * (ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) * وقوله تعالى: * (الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا) * وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة هود في الكلام على قوله تعالى * (ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) * وقد قدمنا أيضا معنى الظلم والضلال والضلال وما فيهما من الإطلاقات في اللغة مع الشواهد العربية في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك، فأغنى ذلك عن إعادته هنا. قوله تعالى: * (بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار كذبوا بالساعة أي أنكروا القيامة من أصلها لإنكارهم البعث بعد الموت والجزاء، وأنه جل وعلا اعتد أي هيأ وأعد لمن كذب بالساعة: أي أنكر يوم القيامة سعيرا: أي نارا شديدة الحر يعذبه بها يوم القيامة.