أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢٢٤
الشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر. قالوا: لأنه فعل المفطر ناسيا، فأشبه ما لو أكل ناسيا، اه.
وهذا القول له وجه قوي من النظر؛ لأن الله تعالى يقول: * (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولاكن ما تعمدت قلوبكم) *، وقد قدمنا من حديث ابن عباس، وأبي هريرة في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: (* (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) *، قال الله تعالى: نعم قد فعلت).
الفرع الحادي عشر: إن أبيح له الفطر لعذر يقتضي ذلك، وقلنا إن فطر العذر لا يقطع حكم التتابع فوطىء غيرها نهارا لم ينقطع التتابع؛ لأن الوطء لا أثر له في قطع التتابع، لأن أصل الإفطار لسبب غيره، وإن كانت الموطوءة نهارا هي المظاهر منها جرى على حكم وطئها ليلا، وقد تكلمنا عليه قريبا، قال ذلك صاحب (المغني)، ووجهه ظاهر. وقال أيضا: وإن لمس المظاهر منها أو باشرها فيما دون الفرج على وجه يفطر به قطع التتابع لإخلاله بموالاة الصيام، وإلا فلا يقطع، والله تعالى أعلم، اه. ووجهه ظاهر أيضا.
الفرع الثاني عشر أجمع العلماء على أن المظاهر إن لم يستطع الصوم انتقل إلى الإطعام، وهو إطعام ستين مسكينا، وقد نص الله تعالى على ذلك بقوله: * (فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا) *.
ومن الأسباب المؤدية إلى العجز عن الصوم الهرم وشدة الشبق، وهو شهوة الجماع التي لا يستطيع صاحبها الصبر عنه، ومما يدل على أن الهرم من الأسباب المؤدية للعجز عن الصوم، ما جاء في قصة أوس بن الصامت الذي نزلت في ظهاره من امرأته آية الظهار، ففي القصة من حديث خولة بنت مالك بن ثعلبة التي ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت، ونزل في ذلك قوله تعالى: * (قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها) *، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعتق رقبة) يعني زوجها أوسا قالت: لا يجد، قال: (يصوم شهرين متتابعين)، قالت: يا رسول اللها إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: (فليطعم ستين مسكينا) الحديث، ومحل الشاهد منه أنها لما قالت له: إنه شيخ كبير اقتنع صلى الله عليه وسلم بأن ذلك عذر في الانتقال عن الصوم إلى الإطعام، فدل على أنه سبب من أسباب العجز عنه، والحديث وإن تكلم فيه، فإنه لا يقل بشواهده عن درجة الاحتجاج.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»