أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٦ - الصفحة ٢١٩
ولأن عتق النصف الباقي يلزمه بالحكم، إن كان موسرا وقت عتق النصف الأول، ولو أعتق ثلاث رقاب عن أربع زوجات ظاهر منهن لم يجزه من ذلك شئ؛ لأنه لم تتعين رقبة كاملة عن واحدة منهن.
ويجزىء عند المالكية عتق المغصوب والمريض مرضا خفيفا، والأعرج عرجا خفيفا، ولا يضر عندهم قطع أنملة واحدة أو أذن واحدة، ويجزىء عندهم الأعور، ويكره عندهم الخصي، ويجوز عندهم عتق المرهون والجاني إن افتديا، انتهى.
ومعلوم أن أبا حنيفة لا يشترط الإيمان في كفارة الظهار، كما تقدم. ولم يجزئ عنده الأعمى ولا مقطوع اليدين معا أو الرجلين معا، ولا مقطوع إبهامي اليدين، ولا الأخرس، ولا المجنون، ولا أم الولد، ولا المدبر، ولا المكاتب إن أدى شيئا من كتابته، فإن لم يؤد منها شيئا أجزأ عنده، وكذلك يجزئ عنده قريبه الذي يعتق عليه بالملك إن نوى بشرائه إعتاقه عن الكفارة، وكذلك لو أعتق نصف عبده عن الكفارة، ثم حرر باقية عنها أجزأه ذلك، ويجزىء عنده الأصم، والأعور، ومقطوع إحدى الرجلين، وإحدى اليدين من خلاف، ويجزىء عنده الخصي، والمجبوب، ومقطوع الأذنين، اه.
وقد قدمنا أكثر العيوب المانعة من الإجزاء، وغير المانعة عند الشافعي في كلام صاحب (المغني) ناقلا عنه، وكذلك ما يمنع وما لا يمنع عند أحمد، فاكتفينا بذلك خشية كثرة الإطالة.
الفرع الثالث: اعلم أنه قد دل الكتاب والسنة والإجماع، على أن الصوم لا يجزئ في الظهار إلا عند العجز عن تحرير الرقبة، فإن عجز عن ذلك انتقل إلى الصوم، وقد صرح تعالى بأنه صيام شهرين متتابعين، ولا خلاف في ذلك.
الفرع الرابع: اختلف العلماء في تحقيق مناط العجز عن الرقبة الموجب للانتقال إلى الصوم، وقد أجمعوا على أنه إن قدر على عتق رقبة فاضلة عن حاجته أنه يجب عليه العتق، ولا يجوز له الانتقال إلى الصوم، وإن كانت له رقبة يحتاج إليها لكونه زمنا أو هرما أو مريضا، أو نحو ذلك من الأسباب التي تؤدي إلى عجزه عن خدمة نفسه.
قال بعضهم: وككونه ممن لا يخدم نفسه عادة، فقال بعضهم: لا يلزمه الإعتاق، ويجوز له الانتقال إلى الصوم نظرا لحاجته إلى الرقبة الموجودة عنده.
قال في (المغني): وبهذا قال الشافعي، أي: وأحمد. وقال أبو حنيفة، ومالك،
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»