أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٥٤٩
تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت) * الآية. وكقوله تعالى: * (وإذا زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر) * فالدوران والزيغوغة المذكوران يعلم بهما معنى تقلب الأبصار، وإن كانا مذكورين في الخوف من المكروه في الدنيا. قوله تعالى: * (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله) *. الظاهر أن اللام في قوله: ليجزيهم، متعلقة بقوله: يسبح: أي يسبحون له، ويخافون يوما ليجزيهم الله أحسن ما عملوا. وقوله في هذه الآية الكريمة: ويزيدهم من فضله، الظاهر أن هذه الزيادة من فضله تعالى، هي مضاعفة الحسنات، كما دل عليه قوله تعالى: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) *، وقوله تعالى: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها) *، وقوله تعالى: * (والله يضاعف لمن يشاء) *.
وقال بعض أهل العلم: الزيادة هنا كالزيادة في قوله: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * والأصح: أن الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم، وذلك هو أحد القولين في قوله تعالى: * (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) *.
وقد قدمنا قول بعض أهل العلم: أن قوله تعالى: * (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا) * ونحوها من الآيات يدل على أن المباح حسن، لأن قوله: أحسن ما عملوا صيغة تفضيل، وصيغة التفضيل المذكورة تدل على أن من أعمالهم حسنا لم يجزوه وهو المباح. قال في مراقي السعود: وقد قدمنا قول بعض أهل العلم: أن قوله تعالى: * (ليجزيهم الله أحسن ما عملوا) * ونحوها من الآيات يدل على أن المباح حسن، لأن قوله: أحسن ما عملوا صيغة تفضيل، وصيغة التفضيل المذكورة تدل على أن من أعمالهم حسنا لم يجزوه وهو المباح. قال في مراقي السعود:
* ما ربنا لم ينه عنه حسن * وغيره القبيح والمستهجن * * (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مآء حتى إذا جآءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب * أو كظلمات فى بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذآ أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور * ألم تر أن الله يسبح له من فى السماوات والا رض والطير صآفات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون * ولله ملك السماوات والا رض وإلى الله المصير * ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السمآء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشآء ويصرفه عن من يشآء يكاد سنا برقه يذهب بالا بصار * يقلب الله اليل والنهار إن فى ذالك لعبرة لأولى الا بصار * والله خلق كل دآبة من مآء فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع يخلق الله ما يشآء إن الله على كل شىء قدير * لقد أنزلنآ ءايات مبينات والله يهدى من يشآء إلى صراط مستقيم * ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذالك ومآ أولائك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * أفى قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولائك هم الظالمون * إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولائك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولائك هم الفآئزون * وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون * قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين * وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الا رض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذالك فأولائك هم الفاسقون * وأقيموا الصلواة وآتوا الزكواة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) * * (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مآء حتى إذا جآءه لم يجده شيئا) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أعمال الكفار باطلة، وأنها لا شئ؛ لأنه قال في السراب الذي مثلها به: * (حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) *، وما دلت عليه هذه الآية
(٥٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»