واقع عليه المجيء. وقوله تعالى: * (لم يجده شيئا) * يدل على عدم وجود شئ يقع عليه المجيء في قوله تعالى: * (جاءه) *.
والجواب عن هذا من وجهين، ذكرهما ابن جرير في تفسير هذه الآية الكريمة.
قال: فإن قال قائل كيف قيل: * (حتى إذا جاءه لم يجده شيئا) *، فإن لم يكن السراب شيئا فعلام دخلت الهاء في قوله: * (حتى إذا جاءه) *؟ قيل: إنه شئ يرى من بعيد كالضباب الذي يرى كثيفا من بعيد، فإذا قرب منه رق وصار كالهواء، وقد يحتمل أن يكون معناه حتى إذا جاء موضع السراب لم يجد السراب شيئا، فاكتفى بذكر السراب عن ذكر موضعه، انتهى منه.
والوجه الأول أظهر عندي، وعنده، بدليل قوله: وقد يحتمل أن يكون معناه، إلخ. انتهى كلامنا في (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب)، وقد رأيت فيه جواب ابن جرير الطبري عن السؤال المذكور، وقوله تعالى في هذه الآية: * (بقيعة) *، قيل: جمع قاع، كجار وجيرة. وقيل: القيعة والقاع بمعنى، وهو المنبسط المستوي المتسع من الأرض، وعلى هذا فالقاع واحد القيعان، كجار وجيران. * (ألم تر أن الله يسبح له من فى السماوات والا رض والطير صآفات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون) *. اعلم أن الضمير المحذوف الذي هو فاعل * (علم) *، قال بعض أهل العلم: إنه راجع إلى الله في قوله: * (ألم تر أن الله يسبح له من فى السماوات) *، وعلى هذا فالمعنى كل من المسبحين والمصلين، قد علم الله صلاته وتسبيحه. وقال بعض أهل العلم: إن الضمير المذكور راجع إلى قوله: * (كل) *، أي: كل من المصلين والمسبحين، قد علم صلاة نفسه وتسبيح نفسه، وقد قدمنا في سورة (النحل)، في الكلام على قوله تعالى: * (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) *، كلام الأصوليين في أن اللفظ إن احتمل التوكيد والتأسيس حمل على التأسيس، وبينا أمثلة متعددة لذلك من القرءان العظيم.
وإذا علمت ذلك، فاعلم أن الأظهر على مقتضى ما ذكرنا عن الأصوليين، أن يكون ضمير الفاعل المحذوف في قوله: * (كل قد علم صلاته وتسبيحه) *، راجعا إلى قوله: