أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٥٦٠
الدين كله لله) *، فقوله: * (حتى لا تكون فتنة) *، أي: حتى لا يبقى شرك على أصح التفسيرين، ويدل على صحته قوله بعده: * (ويكون الدين لله) *؛ لأن الدين لا يكون كله لله حتى لا يبقى شرك، كما ترى. ويوضح ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلاه إلا الله)، كما لا يخفى.
والرابع: إطلاق الفتنة على الحجة في قوله تعالى: * (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) *، أي: لم تكن حجتهم، كما قال به بعض أهل العلم.
والأظهر عندي: أن الفتنة في قوله هنا: * (أن تصيبهم فتنة) *، أنه من النوع الثالث من الأنواع المذكورة.
وأن معناه أن يفتنهم الله، أي: يزيدهم ضلالا بسبب مخالفتهم عن أمره، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذا المعنى تدل عليه آيات كثيرة من كتاب الله تعالى؛ كقوله جل وعلا: * (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) *، وقوله تعالى: * (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) *، وقوله تعالى: * (فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) *، وقوله تعالى: * (وأما الذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم) *، والآيات بمثل ذلك كثيرة، والعلم عند الله تعالى. * (قد يعلم مآ أنتم عليه) *. بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يعلم ما عليه خلقه، أي من الطاعة والمعصية وغير ذلك.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية مع أنه معلوم بالضرورة من الدين، جاء مبينا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: * (وما تكون فى شأن وما تتلوا منه من قرءان ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة) *، وقوله تعالى: * (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور) *، وقوله تعالى: * (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) *، أي: هو شهيد على عباده بما هم فاعلون من خير وشر. وقوله
(٥٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 » »»