أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٥٢٦
ولم يحابها في معصية الله لعلم أن لذة المعاصي كلذة الشراب الحلو الذي فيه السم القاتل، والشراب الذي فيه السم القاتل لا يستلذه عاقل لما يتبع لذته من عظيم الضرر وحلاوة المعاصي فيها ما هو أشد من السم القاتل، وهو ما تستلزمه معصية الله جل وعلا من سخطه على العاصي، وتعذيبه له أشد العذاب، وعقابه على المعاصي قد يأتيه في الدنيا فيهلكه، وينغص عليه لذة الحياة، ولا شك أن من جعل أسباب الندم على المعصية وسيلة إلى الندم، أنه يتوصل إلى حصول الندم على المعصية، بسبب استعماله الأسباب التي يحصل بها.
فالحاصل أنه مكلف بالأسباب المستوجبة للندم، وأنه إن استعملها حصل له الندم، وبهذا الاعتبار كان مكلفا بالندم، مع أنه انفعال لا فعل.
ومن أمثلة استعمال الأسباب المؤدية إلى الندم على المعصية، قول الشاعر وهو الحسين بن مطير: ومن أمثلة استعمال الأسباب المؤدية إلى الندم على المعصية، قول الشاعر وهو الحسين بن مطير:
* فلا تقرب الأمر الحرام فإنه * حلاوته تفنى ويبقى مريرها * ونقل عن سفيان الثوري رحمه الله أنه كان كثيرا ما يتمثل بقول الشاعر: ونقل عن سفيان الثوري رحمه الله أنه كان كثيرا ما يتمثل بقول الشاعر:
* تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها * من الحرام ويبقى الإثم والعار * * تبقى عواقب سوء في مغبتها * لا خير في لذة من بعدها النار * وأما الإشكال الذي في الإقلاع عن الذنب، فحاصله أن من تاب من الذنب الذي هو متلبس به، مع بقاء فساد ذلك الذنب، أي: أثره السيىء هل تكون توبته صحيحة، نظرا إلى أنه فعل في توبته كل ما يستطيعه، وإن كان الإقلاع عن الذنب لم يتحقق للعجز عن إزالة فساده في ذلك الوقت، أو لا تكون توبته صحيحة؛ لأن الإقلاع عن الذنب الذي هو ركن التوبة لم يتحقق.
ومن أمثلة هذا، من كان على بدعة من البدع السيئة المخالفة للشرع المستوجبة للعذاب إذا بث بدعته، وانتشرت في أقطار الدنيا، ثم تاب من ارتكاب تلك البدعة، فندم على ذلك ونوى ألا يعود إليه أبدا، مع أن إقلاعه عن بدعته لا قدرة له عليه، لانتشارها في أقطار الدنيا؛ ولأن من سن سنة سيئة، فعليه وزرها ووز من عمل بها إلى يوم القيامة، ففساد بدعته باق.
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»