أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٦٦
مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة المسألة الأولى: اعلم أن اللعان لا يلزم بين الزوجين، إلا بقذف الرجل زوجته قذفا يوجب عليه الحد لو قاله لغير زوجة كرميها بالزنى، ونفي ولدها عنه، وقول الجمهور هنا: إنه يكفي في وجوب اللعان قذفها بالزنى من غير اشتراط أن يقول: رأيت بعيني، أظهر عندي مما روي عن مالك، من أنه لا يلزم اللعان، حتى يصرح برؤية العين؛ لأن القذف بالزنى كاف دون التصريح برؤية العين. وقول الملاعن في زمنه صلى الله عليه وسلم: رأت عيني وسمعت أذني، لا يدل على أنه لو اقتصر على أنها زنت، أن ذلك لا يكفي، دون اشتراط رؤية العين، وسماع الأذن كما لا يخفى، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثانية: اعلم أن العلماء اختلفوا في شهادات اللعان المذكورة في قوله: * (فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله) * إلى آخر الآيات، هل هي شهادات أو أيمان على أربعة أقوال:
الأول: أنها شهادات؛ لأن الله سماها في الآية شهادات.
والثاني: أنها أيمان.
والثالث: أنها أيمان مؤكدة بلفط الشهادة.
والرابع: عكسه، وينبني على الخلاف في ذلك أن من قال: إنها شهادات لا يصح عنده اللعان، إلا ممن تجوز شهادته، فيشترط في الملاعن والملاعنة العدالة وغيرها من شروط قبول الشهادة، ومن قال: إنها أيمان صح عنده اللعان من كل زوجين، ولو كانا لا تصح شهادتهما لفسق أو غيره من مسقطات قبول الشهادة، وينبني على الخلاف المذكور ما لو شهد مع الزوج ثلاثة عدول، فعلى أنها شهادة يكون الزوج رابع الشهود، فيجب عليها حد الزنى، وعلى أنها أيمان يحد الثلاثة ويلاعن الزوج. وقيل: لا يحدون. وممن قال: بأنها شهادات وأن اللعان لا يصح إلا ممن تقبل شهادته، وأنها تحد بشهادة الثلاثة مع الزوج أبو حنيفة رحمه الله ومن تبعه، والأكثرون على أنها أيمان مؤكدة بلفظ الشهادة.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر الأقوال عندي: أنها أيمان مؤكدة بالشهادة، وأن لفظ الشهادة ربما أطلق في القرءان، مرادا بها اليمين، مع دلالة القرائن على ذلك، وإنما استظهرنا أنها أيمان لأمور:
الأول: التصريح في الآية بصيغة اليمين في قوله: * (فشهادة أحدهم أربع شهادات
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»