أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٧٠
بالبينة أنه يحد للأم حد القذف؛ لأنه قذفها بالزنى وهي محصنة غير زوجة، فهي داخلة في عموم قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات) *، وأما البنت فإنه يلاعنها؛ لأنه قذفها، وهي زوجة له، فتدخل في عموم قوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين) *، إلى آخر آيات اللعان.
وبما ذكرنا تعلم أن قول بعض الأئمة: إنه إن حد للأم سقط حد البنت، وإن لاعن البنت لم يسقط حد الأم، أنه خلاف التحقيق الذي دلت عليه آيات القرءان، وقد قال ابن العربي في القول المذكور: وهذا باطل جدا، فإنه خصص عموم الآية في البنت وهي زوجة بحد الأم من غير أثر ولا أصل قاسه عليه، اه. وهو ظاهر.
المسألة السادسة: اعلم أن الذي يظهر لنا أنه الصواب أن من قذف زوجته بالزنى، ثم زنت قبل لعانه لها أنه لا حد عليه ولا لعان؛ لأنه تبين بزناها قبل اللعان أنها غير محصنة، ولا لعان في قذف غير المحصنة، كما قدمنا أنه إن قذف أجنبية بالزنى، ثم زنت قبل أن يقام عليه الحد أن الظاهر لنا سقوط الحد؛ لأنه قد تبين بزناها أنها غير محصنة قبل استيفاء الحد، فلا يحد بقذف من ظهر أنها غير محصنة، وذكرنا الخلاف في ذلك.
وحجة من قال: يحد إن كانت أجنبية ويلاعن إن كانت زوجة أن الحد واللعان قد وجبا وقت القذف فلا يسقطان بالزنى الطارىء، وبينا أن الأظهر سقوط الحد واللعان، لتبين عدم الإحصان قبل الحد وقبل اللعان، والعلم عند الله تعالى.
المسألة السابعة: اعلم أن من رمى زوجته الكبيرة التي لا تحمل لكبر سنها أنهما يلتعنان هو لدفع الحد، وهي لدرء العذاب. وأما إن رمي زوجته الصغيرة التي لا تحمل لصغرها، فقد قدمنا خلاف العلماء: هل يلزمه حد القذف إن كانت صغيرة تطيق الوطء، ولم تبلغ؟ فعلى أنه يلزمه الحد يجب عليه أن يلتعن لدفع الحد. وأما على القول: بأنه لا حد في قذف الصغيرة مطلقا فلا لعان عليه في قذفها، وقد قدمنا الأظهر عندنا في ذلك، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثامنة: اعلم أنه إن نفى حمل زوجته فقد اختلف أهل العلم، هل له أن يلاعنها، وهي حامل لنفي ما في بطنها، أو لا يجوز له اللعان حتى تضع الولد؟ فذهب جمهور أهل العلم: إلى أنه يلاعنها وهي حامل وينتفي عنه حملها باللعان. وقال ابن حجر
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»