أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٦٤
والعلم عند الله تعالى. ولنكتف بما ذكرنا من أحكام هذه الآية. * (ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليهآ إن كان من الصادقين * ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم * إن الذين جآءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم * لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هاذآ إفك مبين * لولا جآءو عليه بأربعة شهدآء فإذ لم يأتوا بالشهدآء فأولائك عند الله هم الكاذبون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والا خرة لمسكم فى مآ أفضتم فيه عذاب عظيم * إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنآ أن نتكلم بهاذا سبحانك هاذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين * ويبين الله لكم الا يات والله عليم حكيم * إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين ءامنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والا خرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون * ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم * ياأيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشآء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولاكن الله يزكى من يشآء والله سميع عليم) *.) * قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله) *، معنى: * (يدرؤا) *: يدفعوا، والمراد بالعذاب هنا: الحد، والمصدر المنسبك من أن وصلتها في قوله: * (العذاب أن تشهد) * فاعل يدرأ، أي: يدفع عنها الحد شهادتها * (أربع شهادات) *.
والدليل على أن المراد بالعذاب في قوله: * (ويدرؤا عنها العذاب) *، الحد من أوجه:
الأول: منها سياق الآية، فهو يدل على أن العذاب الذي تدرؤه عنها شهاداتها هو الحد.
والثاني: أنه أطلق اسم العذاب في مواضع أخر، على الحد مع دلالة السياق فيها على أن المراد بالعذاب فيها الحد؛ كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة: * (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) *، فقوله: * (وليشهد عذابهما) *، أي: حدهما بلا نزاع. وذلك قوله تعالى في الإماء: * (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) *، أي: نصف ما على الحرائر من الجلد.
وهذه الآية تدل على أن الزوج إذا رمى زوجته وشهد شهاداته الخمس المبينة في الآية أن المرأة يتوجه عليها الحد بشهاداته، وأن ذلك الحد المتوجه إليها بشهادات الزوج تدفعه عنها شهاداتها هي الموضحة في الآية.
ومفهوم مخالفة الآية يدل على أنها لو نكلت عن شهاداتها، لزمها الحد بسبب نكولها مع شهادات الزوج، وهذا هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه، فشهادات الزوج القاذف تدرأ عنه هو حد القذف، وتوجه إليها هي حد الزنى، وتدفعه عنه شهاداتها.
وظاهر القرءان أيضا أنه لو قذف زوجته وامتنع من اللعان أنه يحد حد القذف، فكل من امتنع من الزوجين من الشهادات الخمس وجب عليه الحد، وهذا هو الظاهر من الآيات
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»