أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٦٧
بالله) *؛ لأن لفظة بالله يمين فدل قوله: * (بالله) * على أن المراد بالشهادة اليمين للتصريح بنص اليمين، فقوله: أشهد بالله في معنى: أقسم بالله.
الثاني: أن القرءان جاء فيه إطلاق الشهادة وإرادة اليمين في قوله: * (فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما) *، ثم بين أن المراد بتلك الشهادة اليمين في قوله: * (ذالك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم) *، فقوله: * (أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم) *، دليل على أن المراد بلفظ الشهادة في الآية اليمين، وهو واضح كما ترى.
وقال القرطبي: ومنه قوله تعالى: * (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله) *؛ لأن قوله تعالى: * (اتخذوا أيمانهم جنة) *، يدل على أن المراد بشهادتهم الأيمان، هكذا قال، ولا يتعين عندي ما ذكره من الاستدلال بهذه الآية، والعلم عند الله تعالى.
الثالث: ما قاله ابن العربي، قال: والفيصل أنها يمين لا شهادة، أن الزوج يحلف لنفسه في إثبات دعواه وتخليصه من العذاب، وكيف يجوز لأحد أن يدعي في الشريعة أن شاهدا يشهد لنفسه بما يوجب حكما على غيره هذا بعيد في الأصل، معدوم في النظر، اه منه بواسطة نقل القرطبي.
وحاصل استدلاله هذا: أن استقراء الشريعة استقراء تاما، يدل على أنه لم يوجد فيها شهادة إنسان لنفسه بما يوجب حكما على غيره، وهو استدلال قوي؛ لأن المقرر في الأصول أن الاستقراء التام حجة؛ كما أوضحناه مرارا، ودعوى الحنفية ومن وافقهم أن الزوج غير متهم لا يسوغ شهادته لنفسه؛ لإطلاق ظواهر النصوص في عدم قبول شهادة الإنسان لنفسه مطلقا.
الرابع: ما جاء في بعض روايات حديث اللعان أنه صلى الله عليه وسلم قال لما جاءت الملاعنة بالولد شبيها بالذي رميت به: (لولا الأيمان لكان لي ولها شأن)، عند أحمد وأبي داود، وقد سمى صلى الله عليه وسلم في هذه الرواية شهادات اللعان أيمانا، وفي إسناد الرواية المذكور عباد بن منصور، تكلم فيه غير واحد، ويقال: إنه كان قدريا إلى غير ذلك من أدلتهم.
وأما الذين قالوا: إنها شهادات لا أيمان، فاحتجوا بأن الله سماها شهادات في قوله:
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»