أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٧١
في (الفتح)، بعد أن ساق أحاديث اللعان، وفيه أن الحامل تلاعن قبل الوضع؛ لقوله في الحديث: (انظروا فإن جاءت) الخ، كما تقدم في حديث سهل، وفي حديث ابن عباس، وعند مسلم من حديث ابن مسعود، فجاء، يعني الرجل هو وامرأته فتلاعنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعلها أن تجيء به أسود جعدا)، فجاءت به أسود جعدا، وبه قال الجمهور، خلافا لمن أبى ذلك من أهل الرأي معتلا بأن الحمل لا يعلم؛ لأنه قد يكون نفخة.
وحجة الجمهور: أن اللعان شرع لدفع حد القذف عن الرجل، ودفع حد الرجم عن المرأة، فلا فرق بين أن تكون حاملا أو حائلا، ولذلك شرع اللعان مع الآيسة.
وقد اختلف في الصغيرة، والجمهور: على أن الرجل إذا قذفها فله أن يلتعن لدفع حد القذف عنه دونها، انتهى محل الغرض من كلام ابن حجر.
وقد قدمنا أن التعان قاذف الصغيرة مبني على أنه يحد لقذفها، وقد قدمنا كلام أهل العلم واختلافهم في حد قاذف الصغيرة المطيقة للوطء، وذكرنا ما يظهر لنا رجحانه من ذلك.
وأما الذين قالوا: لا تلاعن الحامل حتى تضع ولدها، فقد استدلوا بأمرين:
الأول: أن الحمل لا يتيقن وجوده قبل الوضع؛ لأنه قد يكون انتفاخا وقد يكون ريحا.
والثاني: هو ما جاء في بعض الروايات في أحاديث اللعان، مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم أخر لعان الحامل حتى وضعت. ففي البخاري من حديث ابن عباس، ما نصه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بين)، فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، الحديث. قالوا: فترتيبه فلاعن بالفاء على قوله: فوضعت شبيها بالرجل، إلخ. دليل على أن اللعان كان بعد الوضع كما هو مدلول الفاء، وأجيب من قبل الجمهور عن هذه الرواية بما ذكر ابن حجر في (فتح الباري)، فإنه قال في كلامه على الرواية المذكورة: ظاهره أن الملاعنة تأخرت إلى وضع المرأة لكن أوضحت أن رواية ابن عباس هذه هي في القصة في حديث سهل بن سعد، وتقدم قبل من حديث سهل أن اللعان وقع بينهما قبل أن تضع، فعلى هذا تكون الفاء في قوله: فلاعن معقبة لقوله فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وهذه الجملة التي ذكر ابن حجر أن جملة فلاعن معطوفة عليها مذكورة
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»