أتت بولد لحقه ما لم ينفه عنه بلعان، وإن نفى أحدهما وسكت عن الآخر، لحقاه جميعا.
فإن قيل: ألا نفيتم المسكوت عنه؛ لأنه قد نفى أخاه، وهما حمل واحد.
قلنا: لحوق النسب مبني على التغليب، وهو يثبت لمجرد الإمكان، وإن كان لم يثبت الوطء ولا ينتفي الإمكان للنفي فافترقا، فإن أتت بولد فنفاه ولاعن لنفيه، ثم ولدت آخر لأقل من ستة أشهر لم ينتف الثاني باللعان الأول؛ لأن اللعان تناول الأول وحده، ويحتاج في نفي الثاني إلى لعان ثان، ويحتمل أن ينتفي بنفيه من غير حاجة إلى لعان ثان؛ لأنهما حمل واحد وقد لاعن لنفيه مرة، فلا يحتاج إلى لعان ثان، ذكره القاضي، اه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: وهذا الأخير هو الأظهر؛ لأن الحمل الواحد لا يحتاج إلى لعانين، ثم قال في (المغني) متصلا بكلامه الأول: فإن أقر بالثاني لحقه هو والأول لما ذكرناه، وإن سكت عن نفيه لحقاه أيضا، فأما إن نفى الولد باللعان ثم أتت بولد آخر بعد ستة أشهر فهذا من حمل آخر، فإنه لا يجوز أن يكون بين ولدين من حمل واحد مدة الحمل، ولو أمكن لم تكن هذه مدة حمل كامل، فإن نفى هذا الولد باللعان انتفى، ولا ينتفي بغير اللعان؛ لأنه حمل منفرد، وإن استلحقه أو ترك نفيه لحقه، وإن كانت قد بانت باللعان؛ لأنه يمكن أن يكون قد وطئها بعد وضع الأول. وإن لاعنها قبل وضع الأول، فأتت بولد ثم ولدت آخر بعد ستة أشهر لم يلحقه الثاني؛ لأنها بانت باللعان، وانقضت عدتها بوضع الأول، وكان حملها الثاني بعد انقضاء العدة في غير نكاح فلم يحتج إلى نفيه. ثم قال في (المغني) أيضا: وإن مات أحد التوأمين فله أن يلاعن لنفي نسبهما، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يلزمه نسب الحي، ولا يلاعن إلا لنفي الحد؛ لأن الميت لا يصح نفيه باللعان، فإن نسبه قد انقطع بموته، فلا حاجة إلى نفيه باللعان، كما لو ماتت امرأته فإنه لا يلاعنها بعد موتها لكون النكاح قد انقطع، وإذا لم ينتف الميت لم ينتف الحي؛ لأنهما حمل واحد ولنا أن الميت ينسب إليه، ويقال ابن فلان ويلزمه تجهيزه وتكفينه، فكان له نفي نسبه وإسقاط مؤنته كالحي، وكما لو كان للميت ولد، اه كلام صاحب (المغني).
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الأظهر أنه إن كان للولد الميت الذي يراد نفيه بعد الموت ولد كان حكمه في اللعان كحكم الحي؛ لأن ولده الحي لا ينتفي إلا بنفي أبيه، فله اللعان لنفي نسب الميت لينتفي عنه ولده، وهذا إن قلنا إن له أن يلاعن بعد هذه