أوضح معنى شامة الوذر أيضاحا شافيا، لأن شم كمر الرجال ليس من الأمر المعهود الواضح.
والذي يظهر لي والله تعالى أعلم: أن قائل الكلام المذكور يشبه من مرض لها بالزنا بسفاد الحيوانات؛ لأن الذكر من غالب الحيوانات إذا أراد سفاد الأنثى شم فرجها، واستنشق ريحه استنشاقا شديدا، ثم بعد ذلك ينزو عليها فيسافدها فكأنهم يزعمون أن المرأة تشم ذكر الرجل كما يشم الفحل من الحيوانات فرج أنثاه، وشمها لمذاكير الرجال كأنه مقدمة للمواقعة، فكنوا عن المواقعة بشم المذاكير، وعبروا عن ذكر الرجل بالوذرة؛ لأنه قطعة من بدن صاحبه كقطعة اللحم، ويحتمل أنهم أرادوا كثرة ملابستها لذلك الأمر، حتى صارت كأنها تشم ريح ذلك الموضع، والعلم عند الله تعالى.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: قد علمت مما ذكرنا أقوال أهل العلم، وحججهم في التعريض بالقذف، هل يلزم به الحد أو لا يلزم به.
وأظهر القولين عندي: أن التعريض إذا كان يفهم منه معنى القذف فهما واضحا من القرائن أن صاحبه يحد؛ لأن الجناية على عرض المسلم تتحقق بكل ما يفهم منه ذلك فهما واضحا، ولئلا يتذرع بعض الناس لقذف بعضهم بألفاظ التعريض التي يفهم منها القذف بالزنا، والظاهر أنه على قول من قال من أهل العلم: إن التعريض بالقذف لا يوجب الحد أنه لا بد من تعزير المعرض بالقذف للأذى الذي صدر منه لصاحبه بالتعريض، والعلم عند الله تعالى.
المسألة السادسة: قال القرطبي في تفسيره: الجمهور من العلماء على أنه لا حد على من قذف رجلا من أهل الكتاب أو امرأة منهم، وقال الزهري، وسعيد بن المسيب، وابن أبي ليلى: عليه الحد إذا كان لها ولد من مسلم، وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا قذف النصرانية تحت المسلم جلد الحد. قال ابن المنذر: وجل العلماء مجمعون وقائلون بالقول الأول، ولم أدرك أحدا، ولا لقيته يخالف في ذلك، وإذا قذف النصراني المسلم الحر فعليه ما على المسلم ثمانون جلدة، لا أعلم في ذلك خلافا، انتهى منه.
المسألة السابعة: اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي في مسألة ما لو قذف رجل رجلا، فقال آخر: صدقت، أن المصدق قاذف فتجب إقامة الحد عليه؛ لأن تصديقه للقاذف قدف خلافا لزفر ومن وافقه.