أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٤
بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) *، فإنما أباح نكاحها في هذه الحالة دون غيرها، وليس هذا من دلالة المفهوم، فإن الابضاع في الأصل على التحريم، فيقتصر في إباحتها على ما ورد به الشرع، وما عداه فعلى أصل التحريم، انتهى محل الغرض من كلام ابن القيم.
وهذه الأدلة التي ذكرنا هي حجج القائلين بمنع تزويج الزاني العفيفة كعكسه، وإذا عرفت أقوال أهل العلم، وأدلتهم في مسألة نكاح الزانية والزاني، فهذه مناقشة أدلتهم.
أما قول ابن القيم: إن حمل الزنا في الآية على الوطء ينبغي أن يصان عن مثله كتاب الله، فيرده أن ابن عباس وهو في المعرفة باللغة العربية وبمعاني القرءان صح عنه حمل الزنى في الآية على الوطء، ولو كان ذلك ينبغي أن يصان عن مثله كتاب الله لصانه عنه ابن عباس، ولم يقل به ولم يخف عليه أنه ينبغي أن يصان عن مثله.
وقال ابن العربي في تفسير ابن عباس للزنى في الآية بالوطء: هو معنى صحيح، انتهى منه بواسطة نقل القرطبي عنه.
وقول ابن القيم في كلامه هذا الذي ذكرنا عنه: فإن لم يتلزمه، ولم يعتقده فهو مشرك يقال فيه: نعم هو مشرك، ولكن المشرك لا يجوز له نكاح الزانية المسلمة، وظاهر كلامك جواز ذلك، وهو ليس بجائز فيبقى إشكال ذكر المشرك والمشركة واردا على القول بأن النكاح في الآية التزويج، كما ترى.
وقول ابن القيم في كلامه هذا: وليس هذا من باب دلالة المفهوم، فإن الابضاع في الأصل على التحريم فيقتصر في إباحتها على ما ورد به الشرع وما عداه فعلى أصل التحريم يقال فيه: إن تزويج الزانية وردت نصوص عامة تقتضى جوازه؛ كقوله تعالى: * (وأحل لكم ما وراء ذلكم) * وهو شامل بعمومه للزانية والعفيفة والزاني والعفيف، وقوله: * (وأنكحوا الايامى منكم) * فهو أيضا شامل بعمومه لجميع من ذكر، ولذا قال سعيد بن المسيب: إن آية * (وأنكحوا الايامى) *، ناسخة لقوله تعالى: * (الزانى لا ينكح إلا زانية) *، وقال الشافعي: القول في ذلك كما قال سعيد من نسخها بها.
وبما ذكرنا يتضح أن دلالة قوله: * (محصنات غير مسافحات) *، على المقصود من
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»