أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٩
تراد بالمحصنات كونهن عفائف غير زانيات؛ كقوله: * (محصنات غير مسافحات) *، أي: عفائف غير زانيات، ومن هذا المعنى قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات) *، أي: العفائف، وإطلاق المحصنات على العفائف معروف في كلام العرب. ومنه قول جرير: وقد قدمنا جميع المعاني التي تراد بالمحصنات في القرءان، ومثلنا لها كلها من القرءان في سورة (النساء)، في الكلام على قوله تعالى: * (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) *، فذكرنا أن من المعاني التي تراد بالمحصنات كونهن عفائف غير زانيات؛ كقوله: * (محصنات غير مسافحات) *، أي: عفائف غير زانيات، ومن هذا المعنى قوله تعالى: * (والذين يرمون المحصنات) *، أي: العفائف، وإطلاق المحصنات على العفائف معروف في كلام العرب. ومنه قول جرير:
* فلا تأمنن الحي قيسا فإنهم * بنو محصنات لم تدنس حجورها * وإطلاق الرمي على رمي الشخص لآخر بلسانه بالكلام القبيح معروف في كلام العرب. ومنه قول عمرو بن أحمر الباهلي: وإطلاق الرمي على رمي الشخص لآخر بلسانه بالكلام القبيح معروف في كلام العرب. ومنه قول عمرو بن أحمر الباهلي:
* رماني بأمر كنت منه ووالدي * بريئا ومن أجل الطوى رماني * فقوله: رماني بأمر يعني أنه رماه بالكلام القبيح، وفي شعر امرئ القيس أو غيره: فقوله: رماني بأمر يعني أنه رماه بالكلام القبيح، وفي شعر امرئ القيس أو غيره:
* وجرح اللسان كجرح اليد * واعلم أن هذه الآية الكريمة مبينة في الجملة من ثلاث جهات:
الجهة الأولى: هي القرينتان القرءانيتان الدالتان على أن المراد بالرمي في قوله: * (يرمون المحصنات) *، هو الرمي بالزنى، أو ما يستلزمه كنفي النسب؛ كما أوضحناه قريبا.
الجهة الثانية: هي أن عموم هذه الآية ظاهر في شموله لزوج المرأة إذا رماها بالزنى، ولكن الله جل وعلا بين أن زوج المرأة إذا قذفها بالزنى خارج من عموم هذه الآية، وأنه إن لم يأت الشهداء، تلاعنا، وذلك في قوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم) *.
ومضمونها: أن الزوج إذا قذف زوجته بالزنى ولم يكن له شاهد غير نفسه، والمعنى أنه لم يقدر على الإتيان ببينة تشهد له على الزنى الذي رماها به، فإنه يشهد أربع شهادات يقول في كل واحدة منها: أشهد بالله إني لصادق فيما رميتها به من الزنى، ثم يقول في الخامسة: علي لعنة الله إن كنت كاذبا عليها فيما رميتها به، ويرتفع عنه الجلد وعدم قبول الشهادة والفسق بهذه الشهادات. وتشهد هي أربع شهادات بالله، تقول في كل واحدة منها: أشهد بالله إنه لكاذب فيما رماني به من الزنى، ثم تقول في الخامسة: غضب الله
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»