أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٢
تحريمه في قوله: * (وحرم ذالك على المؤمنين) *، قالوا: والإشارة بقوله: * (ذالك) *، راجعة إلى تزويج الزاني بغير الزانية أو المشركة وهو نص قرءاني في تحريم نكاح الزاني العفيفة، كعكسه.
ومن الآيات التي استدلوا بها قوله تعالى: * (والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا ءاتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذى أخدان) *، قالوا: فقوله * (محصنين غير مسافحين) *، أي: أعفاء غير زناة. ويفهم من مفهوم مخالفة الآية أنه لا يجوز نكاح المسافح الذي هو الزاني لمحصنة مؤمنة، ولا محصنة عفيفة من أهل الكتاب، وقوله تعالى: * (فانكحوهن بإذن أهلهن وءاتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) *، فقوله: * (محصنات غير مسافحات) *، أي: عفائف غير زانيات، ويفهم من مفهوم مخالفة الآية، أنهن لو كن مسافحات غير محصنات، لما جاز تزوجهن.
ومن أدلة أهل هذا القول أن جميع الأحاديث الواردة في سبب نزول آية * (الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة) *، كلها في عقد النكاح وليس واحد منها في الوطء، والمقرر في الأصول أن صورة سبب النزول قطعية الدخول. وأنه قد جاء في السنة ما يؤيد صحة ما قالوا في الآية، من أن النكاح فيها التزويج، وأن الزاني لا يتزوج إلا زانية مثله، فقد روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله)، وقال ابن حجر في بلوغ المرام في حديث أبي هريرة هذا: رواه أحمد، وأبو داود ورجاله ثقات.
وأما الأحاديث الواردة في سبب نزول الآية:
فمنها ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلا من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول، كانت تسافح، وتشترط له أن تنفق عليه، قال: فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر له أمرها، فقرأ عليه نبي الله: * (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) *، رواه أحمد.
وقال الشوكاني في (نيل الأوطار)، في شرحه لهذا الحديث: وقد عزاه صاحب المنتقى لأحمد وحده، وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أيضا الطبراني في الكبير والأوسط. قال في مجمع الزوائد: ورجال أحمد ثقات.
(٤٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 ... » »»