أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤١٣
مع محرم أو زوج، قالوا: وغاية ما في الأمر، أن عموم أحاديث التغريب بالنسبة إلى النساء خصصته أحاديث نهي المرأة عن السفر إلا مع محرم أو زوج، وهذا لا إشكال فيه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي أنها إن وجد لها محرم متبرع بالسفر معها إلى محل التغريب مع كون محل التغريب محل مأمن لا تخشى فيه فتنة، مع تبرع المحرم المذكور بالرجوع معها إلى محلها، بعد انتهاء السنة، فإنها تغرب؛ لأن العمل بعموم أحاديث التغريب لا معارض له في الحالة المذكورة. وأما إن لم تجد محرما متبرعا بالسفر معها، فلا يجبر؛ لأنه لا ذنب له، ولا تكلف هي السفر بدون محرم، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وقد قدمنا مرارا أن النص الدال على النهي يقدم على الدال على الأمر على الأصح؛ لأن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذا التفصيل الذي استظهرنا لم نعلم أحدا ذهب إليه، ولكنه هو الظاهر من الأدلة، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثاني: اعلم أن العلماء اختلفوا في تغريب العبد والأمة، وقد قدمنا أقوال أهل العلم في ذلك.
وأظهر أقوالهم عندنا: أن المملوك لا يغرب، لأنه مال، وفي تغريبه إضرار بمالكه، وهو لا ذنب له، ويستأنس له بأنه لا يرجم، ولو كان محصنا؛ لأن إهلاكه بالرجم إضرار بمالكه. ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها) الحديث، ولم يذكر تغريبا، وقد فهم البخاري رحمه الله عدم نفي الأمة من الحديث المذكور، ولذا قال في ترجمته: باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى.
وقد قدمنا اختلاف الأصوليين في العبيد هل يدخلون في عموم نصوص الشرع، لأنهم من جملة المكلفين، أو لا يدخلون في عموم النصوص، إلا بدليل منفصل لكثرة خروجهم من عموم النصوص، كما تقدم إيضاحه.
وقد قدمنا أن الصحيح هو دخولهم في عموم النصوص إلا ما أخرجهم منه دليل، واعتمده صاحب (مراقي السعود)، بقوله: وقد قدمنا أن الصحيح هو دخولهم في عموم النصوص إلا ما أخرجهم منه دليل، واعتمده صاحب (مراقي السعود)، بقوله:
* والعبد والموجود والذي كفر * مشمولة له لدى ذوي النظر * وإخراجهم هنا من نصوص التغريب، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بجلد الأمة الزانية وبيعها، ولم
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»