أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٤١٧
جلدها خمسين مع الإحصان منصوص في القرءان كما تقدم إيضاحه، وجلدها مع عدم الإحصان ثابت في الصحيح.
وأظهر الأقوال عندنا: أن الأمة غير المحصنة تجلد خمسين، وألحق أكثر أهل العلم العبد بالأمة.
والأظهر عندنا: أنه يجلد خمسين مطلقا أحصن أم لا. وقد تركنا الأقوال المخالفة لما ذكرنا لعدم اتجاهها عندنا مع أنا أوضحناها في سورة (النساء)، في الكلام على قوله تعالى: * (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة) *، ولنكتف بما ذكرنا هنا من أحكام الزنى المتعلقة بهذه الآية التي نحن بصددها.
وعادتنا أن الآية إن كان يتعلق بها باب من أبواب الفقه أنا نذكر عيون مسائل ذلك الباب والمهم منه، وتبيين أقوال أهل العلم في ذلك ونناقشها، ولا نستقصي جميع ما في الباب؛ لأن استقصاء ذلك في كتب فروع المذاهب كما هو معلوم، والعلم عند الله تعالى. * (الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحهآ إلا زان أو مشرك وحرم ذالك على المؤمنين) *. قد قدمنا مرارا أن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولا، ويكون في نفس الآية قرينة دالة على عدم صحة ذلك القول، ذكرنا هذا في ترجمة الكتاب وذكرنا فيما مضى من الكتاب أمثلة كثيرة لذلك، ومن أمثلة ذلك هذه الآية الكريمة.
وإيضاح ذلك: أن العلماء اختلفوا في المراد بالنكاح في هذه الآية، فقال جماعة: المراد بالنكاح في هذه الآية: الوطء الذي هو نفس الزنى، وقالت جماعة أخرى من أهل العلم: إن المراد بالنكاح في هذه الآية هو عقد النكاح. قالوا: فلا يجوز لعفيف أن يتزوج زانية كعكسه، وهذا القول الذي هو أن المراد بالنكاح في الآية: التزويج لا الوطء في نفس الآية قرينة تدل على عدم صحته، وتلك القرينة هي ذكر المشرك والمشركة في الآية؛ لأن الزاني المسلم لا يحل له نكاح مشركة، لقوله تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) *، وقوله تعالى: * (لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) *، وقوله تعالى: * (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) *. وكذلك الزانية المسلمة لا يحل
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»