لوجوب إقامة الحد عليه الذي هو الرجم بالبينة، وإن كان زناه ثابتا بإقرار، فقد اختلف أهل العلم فيه.
قال النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في المحصن: إذا أقر بالزنا فشرعوا في رجمه، ثم هرب هل يترك أم يتبع ليقام عليه الحد؟ فقال الشافعي وأحمد وغيرهما: يترك، ولا يتبع لكي يقال له بعد ذلك، فإن رجع عن الإقرار ترك، وإن أعاد رجم.
وقال مالك في رواية وغيره: إنه يتبع ويرجم. واحتج الشافعي وموافقوه بما جاء في رواية أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا تركتموه حتى أنظر في شأنه)؟ وفي رواية: (هلا تركتموه فلعله يتوب فيتوب الله عليه)، واحتج الآخرون بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزمهم ذنبه، مع أنهم قتلوه بعد هربه، وأجاب الشافعي وموافقوه عن هذا بأنه لم يصرح بالرجوع، وقد ثبت إقراره فلا يترك حتى يصرح بالرجوع، قالوا: وإنما قلنا لا يتبع في هربه لعله يريد الرجوع، ولم نقل إنه سقط الرجم بمجرد الهرب، والله أعلم. انتهى منه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي أنه إن هرب في أثناء الرجم لا يتبع بل يمهل حتى ينظر في أمره، فإن صرح بالرجوع ترك، وإن تمادى على إقراره رجم، ويدل لهذا ما في رواية أبي داود التي أشار لها النووي، والعلم عند الله تعالى.
المسألة الخامسة: اعلم أن البكر من الرجال والنساء، إذا زنا وجب جلده مائة جلدة كما هو نص الآية الكريمة، ولا خلاف فيه، ولكن العلماء اختلفوا هل يغرب سنة مع جلده مائة أو لا يغرب؟ فذهب جمهور أهل العلم إلى أن البكر يغرب سنة مع الجلد. قال ابن قدامة في (المغني): وهو قول جمهور أهل العلم. روي ذلك عن الخلفاء الراشدين، وبه قال أبي وابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم. وإليه ذهب عطاء، وطاوس، والثوري، وابن أبي ليلى، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور. وقال مالك والأوزاعي: يغرب الرجل دون المرأة. وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يجب التغريب على ذكر ولا أنثى. وقال النووي في شرح مسلم: قال الشافعي والجماهير: ينفى سنة رجلا كان أو امرأة. وقال الحسن: لا يجب النفي. وقال مالك والأوزاعي: لا نفي على النساء، وروي مثله عن علي رضي الله عنه إلى أن قال: وأما العبد والأمة ففيهما ثلاثة أقوال للشافعي.