أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٩
أي عن الإسلام إلى الكفر، وعن طريق الجنة إلى طريق النار، وقرأ هذا الحرف: حمزة، والكسائي: شقاوتنا بفتح الشين، والقاف وألف بعدها، وقرأه الباقون: بكسر الشين، وإسكان القاف وحذف الألف.
قوله تعالى: * (ربنآ أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسئوا فيها ولا تكلمون) *. ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أهل النار يدعون ربهم فيها فيقولون: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا إلى ما لا يرضيك بعد إخراجنا منها، فإنا ظالمون، وأن الله يجيبهم بقوله: * (اخسئوا فيها ولا تكلمون) * أي امكثوا فيها خاسئين: أي أذلاء صاغرين حقيرين، لأن لفظة أخسأ إنما تقال للحقير الذليل، كالكلب ونحوه. فقوله: * (اخسئوا فيها) * أي ذلوا فيها ماكثين في الصغار والهوان.
وهذا الخروج من النار الذي طلبوه قد بين تعالى أنهم لا ينالونه كقوله تعالى * (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم) * وقوله تعالى: * (كذالك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار) * وقوله تعالى: * (كلمآ أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها) *، وقوله تعالى: * ( كلمآ أرادوا أن يخرجوا منهآ أعيدوا فيها) * إلى غير ذلك من الآيات.
وقد جاء في القرآن أجوبة متعددة لطلب أهل النار فهنا قالوا: * (ربنآ أخرجنا منها) * فأجيبوا * (اخسئوا فيها ولا تكلمون) * وفي السجدة * (ربنآ أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا) * فأجيبوا * (ولاكن حق القول منى لاملأن جهنم) *، وفي سورة المؤمن * (قالوا ربنآ أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل) * فأجيبوا * (ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير) * وفي الزخرف * (ونادوا يامالك ليقض علينا ربك) * فأجيبوا * (إنكم ماكثون) * وفي سورة إبراهيم * (فيقول الذين ظلموا ربنآ أخرنآ إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل) * فيجابون * (أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال) * وفي سورة فاطر * (وهم يصطرخون فيها ربنآ أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل) * فيجابون * (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجآءكم النذير فذوقوا فما
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»