ومن حديث زيد بن ثابت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الشيخ والشيخة) مثله، إلى قوله: (البتة).
ومن رواية أسامة بن سهل أن خالته أخبرته، قالت: لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم، فذكره إلى قوله: (البتة)، وزاد (بما قضيا من اللذة).
وأخرج النسائي أيضا أن مروان بن الحكم قال لزيد: ألا تكتبها في المصحف؟ قال: لا ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ولقد ذكرنا ذلك، فقال عمر: أنا أكفيكم، فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اكتبني آية الرجم، فقال: (لا أستطيع).
وروينا في فضائل القرءان لابن الضريس من طريق يعلى وهو ابن حكيم، عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس، فقال: لا تشكوا في الرجم فإنه حق، ولقد هممت أن أكتبه في المصحف، فسألت أبي بن كعب، فقال: أليس أتيتني، وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفعت في صدري، وقلت: استقرئه آية الرجم، وهم يتسافدون تسافد الحمر، ورجاله ثقات، وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها، وهو الاختلاف.
وأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت، قال: كان زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص يكتبان في المصحف، فمرا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة)، فقال عمر: لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: أكتبها، فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا زنى، ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم.
فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها، انتهى بطوله من فتح الباري.
وفيه الدلالة الظاهرة على ما ذكرنا من أن آية الرجم منسوخة التلاوة، باقية الحكم، وأنها مخصصة لآية الجلد، على القول بعدم الجمع بين الرجم والجلد، كما تقدم.
ولكن ما أشار إليه ابن حجر من استفادة سبب نسخ تلاوتها من بعض الأحاديث المذكورة غير ظاهر؛ لأن كثيرا من الآيات يبين النبي صلى الله عليه وسلم تخصيص عمومه، ويوضح المقصود به وإن كان خلاف الظاهر المتبادر منه، ولم يؤد شئ من ذلك إلى نسخ تلاوته كما هو معلوم، والآية القرءانية عند نزولها تكون لها أحكام متعددة، كالتعبد بتلاوتها،